من القطط الروسية إلى كارل ماركس الألماني… ما هي أغرب العقوبات التي فُرضت على روسيا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية؟
عندما تقوم إحدى الدول بخرق القوانين الدولية، يكون من حق المجتمع الدولي فرض عقوبات لمعاقبتها أو معاقبة قائدها أو السياسيين بها. ومن المفترض أن تهدف تلك العقوبات إلى إلحاق الضرر باقتصاد الدولة المستهدفة ومواردها المالية، وقادتها السياسيين؛ لذلك كان من الطبيعي أن تكون العقوبات المفروضة على روسيا بعد حربها على أوكرانيا، متمثلة في حظر النفط والغاز الروسي، مثلما فعلت الولايات المتحدة وبريطانيا، أو تجميد أصول الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف، في عدة دول، علاوة على حظر سفرهما إلى الولايات المتحدة.
حسنًا… إلى هنا كان الأمر مفهومًا، إلى أن فُرضت عدة عقوبات غريبة ومثيرة للجدل، حيث نالت تلك العقوبات من العلماء، والأموات، وحتى الحيوانات! كيف حدث ذلك؟ وما هي تلك العقوبات وما الغريب فيها؟ هذا ما سنعرفه فيما يلي:
السياسة تختلط بالرياضة… بوتين بلا حزامه الأسود ووسامه الشرفي
كان المجتمع الدُّوَليّ يرفع شعار لا لخلط السياسة بالرياضة، لكن الغريب أن العقوبات على روسيا لم تخلُ من عدة عقوبات رياضية، ففي الـ 27 من فبراير أعلن الاتحاد الدولي للجودو تعليق منصب فلاديمير بوتين كرئيسًا فخريًا وسفيرًا للاتحاد، كما جرّد الاتحاد الدولي للسباحة بوتين من وسام الشرف الذي منحه له في 2014.
وفي 1 مارس أعلن الاتحاد الدولي للتايكوندو الذي كرم بوتين، في نوفمبر 2013، بمنحه الحزام الأسود الفخري، تجريد بوتين من هذا الحزام الشرفي، باعتبار أن تصرفات موسكو تتعارض مع رؤية الرياضة وشعار اللعبة “السلام أغلى من الانتصار”، كما تضمن بيان الاتحاد منع رفع العلم الروسي أو عزف النشيد الوطني في المسابقات.
أما في الـ 7 من مارس، قام الاتحاد الدولي للجودو بعزل الرئيس بوتين ورجل الأعمال الروسي أركادي روتنبرغ من جميع مناصبهما في الاتحاد، كما سبق وألغى أيضًا بطولة في روسيا كانت ستقام في مدينة كازان بين 20 و22 مايو المقبل.
قائد أوركسترا لم يتبرأ من بوتين فتم طرده
لاحقت العقوبات الفنانين أيضًا حيث واجه الموسيقي وقائد الأوركسترا فاليري جيرجيف، ضغوطًا متزايدة للتحدث علنًا ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، لأنه من المعروف عنه قربه من الرئيس الروسي، إذ أصدر عمدة ميونيخ ديتر رايتر إنذارًا قال فيه إن جيرجيف سيُطرد إذا فشل في إدانة تصرفات بوتين، وبالفعل لم يتحدث المايسترو عن الغزو الروسي، فأنهى عمدة ميونيخ عقده الموسيقي وألغى حفلاته، وأكد أنه طرد جيرجيف بأثر فوري؛ لأنه لم ينأَ بنفسه عن الحرب الهجومية الوحشية، التي يشنها بوتين ضد أوكرانيا رغم مطالبته بذلك.
بوجود الـ “Villain” بوتين، روسيا تحرم من الأبطال الخارقين!
استمرارًا لربط العقوبات بالفن أعلنت 3 شركات إنتاج فني (Disney, Sony, Warner)، وقف عرض أفلامها في دور العرض السينمائي الروسية. حيث قال المتحدث باسم شركة “Warner” المنتجة لفيلم باتمان، في بيان: “أنه في ضوء الأزمة الإنسانية في أوكرانيا، أوقفت وارنر ميديا عرض فيلمها الروائي باتمان في روسيا، وسنستمر في مراقبة الوضع عن كثب، آملين في حل سريع وسلمي لهذه المأساة”.
كما قالت شركة ديزني أيضًا في بيان لها إنها ستعلّق طرح أفلامها في صالات السينما في روسيا بسبب الحرب الأخيرة على أوكرانيا، بما في ذلك الفيلم المقبل لبيكسار.
كذلك شركة سوني اليابانية، فقد أعلنت هي الأخرى أنها ستوقف جميع إصداراتها في روسيا، بما في ذلك فيلم “Morbius” الجديد عن عالم الأبطال الخارقين، والذي كان سيُعرض في 24 مارس.
رأس تمثال بوتين الشمعي تُعاقب من المتحف وزواره
في عام 2000 تم إنشاء تمثال الشمع الخاص بالرئيس الروسي، وتم وضعه في متحف غريفين الفرنسي، ليلتقط معه الزوار الصور التذكارية، لكن الأمر تغير بعد الحرب، وأخذ الزوار يخربون التمثال، فقام مدير المتحف بإزالة رأس التمثال ووضعها في صندوق، قائلًا: تمثال الرئيس بدا أشعث الشعر بعد عملية التخريب، وطاقم المتحف ليس مضطرًا أن يصلح مظهر التمثال كل يوم”.
وأوضح مدير المتحف عدم رغبتهم في وجود تمثال بوتين مرة أخرى قائلًا: “لم نقم أبدًا بتمثيل ديكتاتوريين مثل هتلر في متحف غريفين، ولا نريد تمثال بوتين اليوم”. وتابع: “كان بوتين هنا وتمت إزالته للتو من متحف غريفين في باريس. لماذا؟ لأننا لا نريده هنا ولا يريد الموظفون المرور أمامه كل يوم”.
العقوبات على روسيا تلاحق الأموات أيضًا
وصلت العقوبات أيضًا إلى من رحلوا من المفكرين والأدباء، حيث قامت جامعة بيكوكا الإيطالية، إلغاء محاضرات عن أعمال عملاق الأدب الروسي فيودور دوستويفسكي، الذي عاش في القرن السابع عشر، وقد علق على ذلك باولو نوري أستاذ الأدب الروسي، بعد أن تلقى رسالة الجامعة بإلغاء المحاضرات، فقال إن القرار سخيف ومخيف، وثمرة مسمومة لسياسة إلغاء الثقافة التي ينتهجها اليسار، وعلق قائلًا: “حين قرأت الرسالة الإلكترونية، لم أصدق ما قرأته، فالحرب الدائرة في أوكرانيا تفرض علينا الحديث أكثر عن دوستويفسكي”، لا حظر الحديث عنه. وبعد أن لاقت الواقعة انتقادات عديدة، أعادت الجامعة العمل بالمحاضرات المخصصة لأعمال الروائي الروسي.
وفي مدينة فلورنسا طالب البعض بإزالة تمثال دوستويفسكي، لكن عمدة المدينة كتب على صفحته بتويتر: دعونا لا نشوش. هذه حرب مجنونة لديكتاتور وحكومته، وليست حرب شعب ضد آخر. بدلًا من محو قرون من الثقافة الروسية، دعونا نفكر في وقف بوتين بسرعة.
ليس شرطًا أن تكون روسي الجنسية لتُعاقب، بل يكفي أن تربطك بهم علاقة، فحتى الفيلسوف والاقتصادي الألماني كارل ماركس تمت معاقبته؛ لأنه كان رمزًا للنظام الشيوعي في الاتحاد السوفييتي، لذلك قامت جامعة أمريكية بحذف اسمه من غرفة الدراسة المخصصة له بسبب الصراع في أوكرانيا، وقد كان اسم ماركس مع أسماء بنيامين فرانكلين وويليام شكسبير ومارتن لوثر كينج جونيور على غرف مجموعات الدراسة الأخرى، لكن ماركس تم استبدال اسمه برقم.
القط الروسي في مرمى العقوبات
انتقلت العقوبات العبثية من المفكرين الراحلين إلى الحيوانات، حيث قامت منظمة لمحبي القطط حول العالم، بفرض قيود على القطط الروسية حتى 31 مايو 2022، وستتم مراجعة تلك القيود عند الضرورة، وتمثلت تلك القيود في حظر تسجيل القطط المستوردة من روسيا بغض النظر عن أي منظمة أصدرت نسبها، وحظر مشاركة قطط المربين الروس في أي معرض تقيمه المنظمة خارج روسيا، إضافة إلى تخصيص جزء من ميزانيتها لدعم مربي القطط في أوكرانيا الذين يعانون بسبب الوضع الراهن.
نعم للعلم لا للحرب… العلماء الروس يحاولون النجاة من العقوبات على روسيا
في بيان وقع عليه أكثر من 7000 من الأكاديميين والعلماء والصحفيين العلميين الروس، قالوا فيه إنهم يدينون الغزو الروسي لأوكرانيا، وأنهم يعلنون معارضتهم القوية للأعمال العدائية الروسية ضد الشعب الأوكراني، أشاروا إلى العزلة التي حولت روسيا إلى دولة منبوذة، والتي تسببت فيها روسيا نفسها، وأوضحوا أنهم كعلماء وصحفيين روس، لن يكونوا قادرين على القيام بعملهم بطريقة طبيعية لأن إجراء البحث العلمي لا يمكن تصوره دون التعاون والثقة مع الزملاء من البلدان الأخرى. وأكدوا أن عزلة روسيا عن العالم تعني التدهور الثقافي والتكنولوجي، وأن الحرب مع أوكرانيا هي خطوة إلى اللامكان.