قد لا تحرِم تظاهرات أميركا ترمب من ولاية ثانية!
ثمة من يقول إن الولايات المتحدة بعد مصرع جورج فلويد الأسود على يد ضابط شرطة أبيض ليست كما قبلها. في المقابل، تقول فئة أخرى إن الاضطرابات المشتعلة في الولايات المتحدة بعد مقتل فلويد لن تغير الكثير، فهذه الجريمة ليست الأولى ضد سود أميركا. لكن، بعدما حصل، هل يحكم دونالد ترمب أميركا مجددًا؟
حسب الاحصائات القارئ العربي: “هل تعتقد بتأثيرات سلبية لمقتل الأميركي جورج فلويد على حظوظ ترمب في الفوز بولاية ثانية؟”. شارك في هذا الاستفتاء 591 قارئًا، أجاب منهم 274 قارئًا بـ “نعم”، بنسبة 46 في المئة، فيما أجاب 317 بـ “لا”، بنسبة 54 في المئة.
ثمة من أججها
يرى محللون أميركيون أن تظاهرات أميركا واضطراباتها نتيجة قتل شرطي أميركي أبيض مواطنًا من أصول إفريقية خنقًا في أثناء القبض ليست وليدة لحظتها، أي لحظة الجريمة هذه بذاتها، بل هي نتيجة تراكم لعقود من الممارسات العنصرية، التي غذاها ترمب بتصريحاته وتغريداته العديدة.
ويقول مراقبون إن ثمة من أجج هذه التظاهرات، وهم بيض متعصبون لولايات متحدة بيضاء، رغبوا في إشعال البلاد أكثر فأكثر، وجهات دولية رأت من مصلحتها إحداث حال من عدم الاستقرار في الولايات المتحدة. وهذه كلها عوامل ستؤثر سلبًا في فرص فوز ترمب بولاية ثانية.
فترمب أغاظ المتظاهرين، خصوصًا حين طالب بإصدار أحكام مشددة بالسجن على المعتدين على الممتلكات والأفراد، وحين كرر مرارًا أن الولايات المتحدة لا تكره السود بل تحبهم، وهذا يعني ضمنًا أن الولايات المتحدة “البيضاء” لا تكره مواطنيها “السود”.
ورأى قادة التظاهرات في هذه التصريحات تأكيدًا أن ترمب يعد نفسه رئيسًا أبيض لبلاد بيضاء، أي رئيسًا لبيض أميركا وليس لكل أميركا، ما يرسخ الاعتقاد السائد أن الإدارة الأميركية الحالية هي إدارة عنصرية، وبالتالي لا يسعفه هذا الاعتقاد حين تأتي الانتخابات، لأنه لا ينسحب على السود وحدهم، أي على المتحدرين من أصول أفريقية، بل سيسود هذا الاعتقاد كل الأقليات الأخرى، كالمتحدرين من أصول إسبانية ولاتينية وآسيوية، وعددهم كبير جدًا في أميركا.
“ويشفول ثينكينغ!”
يلفت مراقبون موالون لترمب إلى أن ما يحصل اليوم، والتحليلات المصاحبة للتظاهرات وأعمال العنف الحاصلة في أرجاء الولايات المتحدة، ربما تكون العامل الأساس لاستمراره في الحكم في ولاية رئاسية ثانية.
برأيهم، أن غضب السود والأقليات الأخرى في المجتمع الأميركي لن ينعكس بوضوح في مسار الانتخابات الأميركية لسبب أساس يكمن في النظام الإنتخابي الأميركي نفسه.
فهذا النظام يقوم على مبدأ المجمعات الانتخابية، ولكل ولاية كتلتها التصويتية. وبما أن الاحتجاجات تشتغل أكثر ما تشتعل في ولايات محسوبة جدًا على الحزب الديمقراطي، فالأرجح أن توحد الاضطرابات المتعصبين البيض، وهم أغلبية وازنة في الولايات المتحدة، خصوصًا أن هذه الأغلبية متحالفة مع كبار الرأسماليين، خصوصًا أن حركة الاحتجاج وشعاراتها وممارساتها اصطبغت بصبغة يسارية. وهذه نقطة تسجل لترمب وليس عليه.
وبما أن الاضطرابات مضطرمة في مناطق محسوبة على الديمقراطيين، فإن استغلال مرشحهم للرئاسة جو بايدن هذه الحوادث لن يوفر له أصواتًا كثيرة من خارج هذه المناطق المسحوبة عليه في الأصل.
يختم هؤلاء المراقبون بالقول: “إن تأكيد بعضهم أن الاضطرابات الأخيرة ستحرم ترمب من فرصه بولاية رئاسية ثانية نوع من الـ ’ويشفول ثينكينغ‘، أي هي من نوع الأماني المستحيلة لا أكثر”.
إلا إذا
يرى مراقبون مستقلون أن مقتل فلويد وتداعياته سيؤثران حتمًا في حظوظ ترمب بولاية رئاسية جديدة، إلا إذا “فعل ما يلزم”: أوقف عمليات القمع؛ قبِل التفاوض مع المتظاهرين؛ قدم قاتل فلويد للمحكمة من منطلق أنها جريمة بالقتل المتعمد، وليس القتل الخطأ؛ وجه الاتهام لضابطين آخرين مشاركين في الجريمة ولضابط رابع كان موجودًا وما حرك ساكنًا لإنقاذ فلويد، بل حاول منع الناس من تصوير الواقعة.
ويؤكدون أنه من السابق لأوانه معرفة كيف يمكن هذه الاحتجاجات أن تؤثر في فرص ترمب بولاية ثانية، لكن المؤشرات تدل على أنه يخسر بين الجمهوريين المعتدلين والمستقلين نتيجة تعامله مع جائحة كورونا ومقتل فلويد.
في المقابل، تزداد شعبيته بين قاعدته الانتخابية، ويبقى التحدي الفعلي أمامه هو نسبة الإقبال على الاقتراع في يوم الانتخاب في نوفمبر المقبل.