سيناريوهات الحرب النووية.. “التصعيد المتعمد” ليس أخطرها
بينما تصعد روسيا وحلف شمال الأطلسي مواجهتهما بشأن أوكرانيا، يحذر الاستراتيجيون النوويون والمسؤولون الأميركيون السابقون من وجود خطر حرب مباشرة قد تنزلق إلى تبادل الضربات بالأسلحة النووية.
وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” إن الدعم العسكري الغربي الجريء لأوكرانيا على نحو متزايد، والتهديدات الروسية بالانتقام المباشر المدفوعة بحالة الحصار واليأس في الكرملين، تزايد من عدم اليقين حول الخطوط الحمراء لكل جانب.
هذا الأسبوع، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن “احتمال نشوب حرب نووية قد عاد الآن إلى عالم الاحتمالات”.
ويؤكد القادة في كلا الجانبين أنهم يعتبرون مثل هذه الحرب غير واردة، حتى وهم يجرون الاستعدادات ويصدرون تصريحات حول كيفية تنفيذها.
لكن الخوف، كما يؤكد الخبراء، ليس تصعيدا متعمدا للحرب، ولكن سوء فهم أو استفزاز يدفع الطرف الآخر للرد، قد يخرج عن نطاق السيطرة.
ويقول بعض الخبراء إن الحرب في أوكرانيا تزيد من هذه المخاطر إلى مستوى لم نشهده منذ أزمة الصواريخ الكوبية، ومن بعض النواحي قد تكون أكثر خطورة من ذلك.
وتعتبر روسيا الأسلحة وغيرها من المساعدات العسكرية المتزايدة التي ترسلها الحكومات الغربية إلى أوكرانيا بمثابة حرب، وألمحت إلى أنها قد تضرب قوات الناتو.
وضربت الصواريخ الروسية خلال عطلة نهاية الأسبوع قاعدة أوكرانية على بعد كيلومترات من الأراضي البولندية الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي.
وقال الخبير الاستراتيجي النووي بجامعة هامبورغ في ألمانيا، أولريش كوهن، “هذه هي الأشياء التي تجعلني قلقا حقا بشأن التصعيد هنا”.
وأضاف: “فرصة استخدام الأسلحة النووية منخفضة للغاية. لكن (هذا الاحتمال) ليست صفرا. إنه حقيقي وقد يزداد. هذه الأشياء يمكن أن تحدث”.
منذ عام 2014 على الأقل، عندما أدى ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى توتر شديد مع الغرب، حيث صاغت موسكو سياسة احتمال استخدام الأسلحة النووية ضد أي تهديد “لوجود الدولة نفسها”.
وقال ألكسندر فيرشبو، الذي كان نائبا للأمين العام لحلف الناتو في الفترة من 2012 إلى 2016، إن القادة الغربيين خلصوا إلى أن الخطط الروسية لاستخدام الأسلحة النووية في أزمة كبيرة كانت صادقة، مما يزيد من خطر وقوع أي حادث أو زلة يعتقد الكرملين خطأ أنها حرب.
وأضاف فيرشبو أنه مع تكافح القوات الروسية في صراع أوكرانيا الذي صوره قادة موسكو على أنه وجودي، “لقد نما هذا الخطر بالتأكيد في الأسبوعين ونصف الأسبوع الماضيين”.
ويُعتقد أن روسيا قد خزنت ما لا يقل عن 1000 رأس حربي صغير “غير hستراتيجي” قيد التحضير، بالإضافة إلى صواريخ تفوق سرعة الصوت.
وقال محلل السياسة العسكرية الروسية، ديمتري غورنبرغ، “ديناميات التصعيد في الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا يمكن أن تتحول بسهولة إلى تبادل نووي”.
ومؤخرا، كتب المسؤول الاستخباراتي الأميركي السابق، كريستوفر تشيفيس، أن “العشرات من المناورات الحربية التي نفذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها” توقعت جميعها أن بوتين سيشن ضربة نووية واحدة إذا واجه قتالا محدودا مع الناتو أو نال انتكاسات كبرى في أوكرانيا.
وبحسب “نيويورك تايمز”، فإن أي صراع نووي، مهما كان محدودا في البداية، يحمل في طياته خطرا تصاعديا يسميه الاستراتيجيون “استخدمه أو أفقده”.
ويعلم الطرفان أن الضربات النووية السريعة يمكن أن تقضي على قواتهما العسكرية في أوروبا، حتى ترساناتهما النووية بأكملها، وتتركها بلا حماية، وهذا يعني أن كلا الجانبين يواجهان حافزا للانطلاق على نطاق واسع قبل أن يتمكن الآخر من القيام بذلك أولا، طبقا للصحيفة الأميركية.
وأعرب كوهن عن قلقه من أن تلعب السياسة الداخلية الأميركية دورا أيضا، بحيث إذا ما استخدمت روسيا أسلحة كيميائية أو ارتكبت بعض التجاوزات الأخرى، فقد يواجه القادة الأميركيون ضغوطا ساحقة للرد بما يتجاوز ما تتوقعه موسكو.
الحرة