سلاح العقوبات الأميركية.. وضع فريد يتيح لواشنطن فرض “الألم الاقتصادي”
تعد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حزمة جديدة من العقوبات تستهدف روسيا في محاولة لردعها عن غزو أوكرانيا، ومعاقبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحلفائه في حالة نشوب صراع.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، الاثنين الماضي، إن الرئيس بايدن مستعد لاتخاذ عقوبات أوسع من تلك التي فرضها الرئيس باراك أوباما بعد غزو روسيا لأوكرانيا عام 2014.
ومع ذلك، فإن هذا التهديد لم يكن مفاجئا؛ فمن كوبا إلى ميانمار أصبحت العقوبات الاقتصادية أداة مفضلة في واشنطن، حسبما تقول صحيفة واشنطن بوست.
ومنذ توليه منصبه، أعاد بايدن فرض العقوبات على ميانمار بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، واستهدف روسيا بسبب سجنها معارض الكرملين أليكسي نافالني وحملتها للتجسس الإلكتروني، وكذلك مسؤولين صينيين لتهميشهم الديمقراطية في هونغ كونغ، وأعاد فرض عقوبات على مسؤولين كوبيين بسبب قمع نظامهم للمتظاهرين في يوليو.
ويمكن أن تكون العقوبات واسعة النطاق مثل الحظر المفروض على كوبا، أو محددة الهدف وهو النهج المفضل على نطاق واسع كما يبدو في العقود الأخيرة.
ويمكن معاقبة الأفراد والبنوك والمؤسسات والحكومات والكيانات الأخرى مثل السفن. وعندما تعاقب الولايات المتحدة شخص أو كيان، يُحظر على الأميركيين والشركات الأميركية إبرام تعاملات مع المعاقب.
وفي بعض الحالات، تذهب العقوبات إلى أبعد من ذلك، حيث تمنع الأميركيين التعامل مع أطراف ثالثة لديها أعمال تجارية مع الكيان أو الشخص المعاقب.
ويمكن للعقوبات أن تحد من مجموعة من الفرص الاقتصادية والتجارية، فغالبا ما تشمل منع إصدار تأشيرات الدخول للولايات المتحدة أو تجميدها وكذلك تجميد الحسابات المصرفية.
ومن الممكن أن تكون مثل هذه الخطوات ذات فاعلية عندما يكون المستهدفون أثرياء أو لهم استثمارات في الولايات المتحدة.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز أشارت إلى احتمال أن تطلق الولايات المتحدة العنان لحزمة عنيفة من العقوبات التي من شأنها استبعاد جزء كبير من الاقتصاد الروسي من النظام المالي العالمي (سويفت).
ونظام سويفت هو شبكة عالمية تستخدمها كل المؤسسات المالية تقريبا حول العالم لتحويل الأموال فيما بينها وحجر زاوية للنظام الدولي للمدفوعات.
ومع تزايد أهمية العقوبات في السياسة الخارجية، ازدادت كذلك الانتقادات لفعاليتها والقلق بشأن تأثيرها على المدنيين.
وكانت العقوبات هي سلاح الرئيس دونالد ترامب المفضل، كما تصف رويترز، في إطار مساعيه لإعادة رسم السياسة الخارجية الأميركية.
وفرض ترامب عقوبات اقتصادية بوتيرة غير مسبوقة، كانت في كثير من الأحيان أحادية الجانب، لكنه أخفق رغم ذلك في إخضاع خصوم الولايات المتحدة لإرادته.
فإيران رفضت، رغم إعادة ترامب فرض العقوبات الأميركية عليها، أن تعيد التفاوض على الاتفاق النووي الذي قرر الانسحاب منه.
وكانت العقوبات في إطار حملة “الضغوط القصوى” التي شنها ترامب على إيران، عضو منظمة أوبك، أدت إلى تقليص إيراداتها النفطية وعرقلت تجارتها الخارجية.
ونأت أغلب الدول والشركات بنفسها عن إيران بسبب الخوف من أن تتعرض هي نفسها للعقوبات بسبب التعامل مع طهران.
كذلك تحدى الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو في فنزويلا جهود الإطاحة به. كما تواصل كوريا الشمالية تدعيم ترسانتها النووية.
ويتمتع كل من رئيس الولايات المتحدة والكونغرس بسلطة إصدار عقوبات. ويسمح قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية لعام 1977 للرئيس بالقيام بذلك بسهولة نسبية.
وتنقل واشنطن بوست عن علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية بمكتب واشنطن، قوله إنه نظرا لأن التجارة العالمية تعتمد على الدولار الأميركي وتتدفق من خلال المؤسسات المالية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، فإن واشنطن في وضع فريد يسمح لها بفرض عقوبات و”قدر هائل من الألم الاقتصادي” من خلال تقييد الوصول إلى الأسواق العالمية.
وقد أصدرت إدارة ترامب حوالي 3800 قرار بفرض عقوبات جديدة بالمقارنة مع 2350 في فترة الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما، وفي الوقت نفسه ألغت عقوبات أقل بكثير وذلك وفقا لأرقام جمعها مركز الأمن الأميركي الجديد.
وإلغاء العقوبات هو الوسيلة التي تكافئ بها واشنطن الأطراف التي تغير مسلكها.
الحرة