انتقادات واسعة وتجاهل للخام الأميركي.. بايدن يسعى لنفط فنزويلا والسعودية
مع إعلان واشنطن حظر واردات النفط الروسي، وهي خطوة من شأنها خفض نحو 8% من الإمدادات السنوية الأميركية، زادت الانتقادات لسعي إدارة الرئيس جو بايدن إلى تعويض النفط الروسي بمثيله من فنزويلا والسعودية، بدلا من اللجوء لمصادر النفط الأميركي.
وتسهم توازنات سياسية حزبية انتخابية في حسابات الرئيس جو بايدن، الذي يواجه موقفا شديد التعقيد في التعامل مع أزمة الطاقة العالمية، التي وصلت معها أسعار النفط لأسعار قياسية تاريخية.
وبعد صمود السعر القياسي لغالون البنزين في الولايات المتحدة لأكثر من 12 عاما عند معدلات يوليو/تموز 2008 عندما بلغ 4.11 دولارات للغالون الواحد، تم تخطي هذا الرقم الثلاثاء الماضي، طبقا لبيانات نادي السيارات الأميركي؛ إذ وصلت إلى 4.17 دولارات للغالون الواحد بسبب تداعيات أزمة أوكرانيا.
ومنذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، ارتفع سعر غالون البنزين بمقدار 63 سنتا أو 18% في محطات البنزين الأميركية، ويتوقع له أن يستمر في الارتفاع خلال الأيام والأسابيع المقبلة.
بايدن وبترول روسيا
تأتي معظم واردات أميركا من النفط الخام من كندا والمكسيك والمملكة العربية السعودية، مما يجعل الولايات المتحدة أقل اعتمادا على النفط الروسي، مقارنة بالعديد من شركائها الأوروبيين.
واستوردت الولايات المتحدة نحو 672 ألف برميل يوميا من روسيا في 2021 (نحو 245 مليون برميل خلال عام 2021)، وفقا لأرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وتشكل هذه الكمية نحو 8% من إجمالي واردات الولايات المتحدة من النفط والمنتجات البترولية المكررة.
يذكر أن الولايات المتحدة قد استوردت عام 2020 نحو 200 مليون برميل من النفط الروسي، وذلك طبقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
واقترح إدوارد فيشمان -المسؤول السابق بوزارتي الخارجية والدفاع، وخبير شؤون الطاقة والعقوبات بالمجلس الأطلسي- عدة خطوات لتخفيف وطأة صدمة توقف تصدير جزء من النفط الروسي، والحد من الآثار الجانبية الضارة خلال سلسلة تغريدات.
ويعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على مبيعات النفط، إذ تصدر روسيا 5 ملايين برميل من النفط يوميا، وهذا يمثل ما يقرب من نصف عائدات التصدير الروسية، ويضيف النفط 100 مليار دولار إلى خزائن الكرملين كل عام.
ويقول فيشمان إن الغرب تجنب استهداف مبيعات النفط الروسية لسببين: أولا، المخاوف بشأن ارتفاع أسعار البنزين المحلية؛ وثانيا، إذا ارتفعت أسعار النفط بأكثر من انخفاض مبيعات روسيا، فقد تفيد العقوبات موسكو بشكل سلبي، لأنها قد تكسب المزيد من المال من بيع كميات أقل من النفط.
ولا يمكن ضرب قطاع النفط الروسي بين ليلة وضحاها، لكن الأهم من ذلك كله هو خفض صادرات النفط الروسية البالغة 5 ملايين برميل يوميا بصورة عملية تدريجية، مثلما كان الحال مع إيران التي نجحت العقوبات في تخفيض صادراتها من 2.5 مليون برميل يوميا إلى أقل من مليون برميل يوميا في الوقت الراهن.
واعتبر فيشمان أن قرب التوصل لإحياء الاتفاق النووي مع إيران يفتح نافذة لتعويض النفط الروسي في الأسواق الأميركية والعالمية.
محاولات أميركية مع السعودية وفنزويلا
ويعمل المسؤولون الأميركيون خلف الكواليس في محاولة لتعزيز إمدادات الطاقة العالمية، وأفرجت الولايات المتحدة عن ملايين البراميل من مخزونها الاحتياطي الإستراتيجي في محاولة لم يكتب لها النجاح في السيطرة على ارتفاع الأسعار قبل بدء القتال في أوكرانيا.
وزار مسؤولون أميركيون السعودية في محاولة لحثها على ضخ المزيد من النفط.
كما أدت المحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني إلى التفاؤل بأن النفط الإيراني يمكن أن يؤدي أيضا إلى قرب توافر النفط الإيراني بكميات أكبر في الأسواق العالمية.
واتخذت واشنطن خطوة استثنائية بزيارة وفد حكومي أميركي لفنزويلا للحديث عن أمن الطاقة، وتفرض الولايات المتحدة عقوبات تمنع التعامل مع شركة النفط والبنوك المركزية في فنزويلا، وعلى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي لا تعترف به واشنطن.
وتذهب معظم صادرات فنزويلا النفطية إلى الهند والصين، بمساعدة فنية من روسيا.
انتقاد لسياسة بايدن النفطية الداخلية
يتفق عدد كبير من أعضاء الكونغرس الجمهوريين على أن سياسة بايدن تجاه البيئة وتغير المناخ أثرت بالسلب على استقلال الطاقة في الولايات المتحدة وغرب أوروبا، وهو ما مهد الطريق أمام الحرب الروسية على أوكرانيا.
وهاجم الجمهوريون بايدن كذلك على خلفية قراراته -التي اتخذها منذ أسبوعه الأول في الحكم- المرتبطة بإغلاق وخفض إنتاج الطاقة التقليدية من غاز وبترول، إضافة إلى إغلاقه خط أنابيب “كيستون” العملاق، وحظره استخراج النفط الصخري.
واعتبر الجمهوريون أن سياسات بايدن سمحت بمضاعفة قوة سلاح الطاقة الروسي في مواجهة حلفاء واشنطن الرئيسيين في أوروبا الغربية.
ولم يقترح بايدن تعويض أسواق النفط بالخام الأميركي؛ وذلك بسبب نفوذ التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي الداعي لتقليل الاعتماد على النفط الصخري ومصادر الطاقة التقليدية.
ويوفر موقف بايدن فرصة جديدة للجمهوريين للمجادلة ضد فطنة السياسة الخارجية لبايدن وتداعياتها الداخلية، مما يضع الحزب الديمقراطي على أرض أكثر اهتزازا مع توجه الناخبين إلى انتخابات التجديد النصفي نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
وغردت ليزا موركوفسكي -السيناتورة الجمهورية من ولاية ألاسكا- تقول “مع استمرار بوتين في استخدام النفط والغاز كسلاح، فإن الولايات المتحدة لديها الفرصة لإنتاج الطاقة الخاصة بنا محليا، ومعالجة ارتفاع الأسعار. دعونا نقطع الصادرات الروسية، ونبدأ الإنتاج هنا في وطننا! ولاية ألاسكا مستعدة”.