أميركا تحذر روسيا من تداعيات كبيرة إذا غزت أوكرانيا وتعدّ حزمة عقوبات ضدها وبوتين يتوعد الغرب
قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الثلاثاء، إن بلاده أبلغت روسيا أنها ستواجه تداعيات كبيرة إذا قررت غزو أوكرانيا، وبالتزامن كشف مسؤول أميركي عن أن واشنطن تعد حزمة عقوبات مشددة ضد موسكو، في حين طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغربَ بضمانات قانونية لعدم توسعه شرقا، وتوعده برد قاس في حال تعرضت بلاده لأي “عمل عدائي”.
وأضاف بلينكن، خلال إيجاز صحفي بواشنطن، أن بلاده لا تزال مستعدة للدبلوماسية، لكنه شدد على ضرورة أن تسحب روسيا قواتها من الحدود مع أوكرانيا لخفض التصعيد، موضحا أنه ليست هناك خطط حاليا لعقد لقاء مباشر بين الرئيسين الأميركي والروسي.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي، اليوم الثلاثاء، إن سحب القوات الروسية بعيدا عن الحدود مع أوكرانيا سيمثل خطوة ملموسة لخفض التصعيد.
وأضاف كيربي، خلال إحاطة غير مصورة، أن البنتاغون يواصل رصد حضور عسكري روسي ملموس بالقرب من حدود أوكرانيا وفي محيطها، مشيرا إلى أن ذلك يبعث على القلق.
واعتبر المتحدث الأميركي أن هناك متسعا للدبلوماسية والحوار للتوصل إلى نتيجة لا تفاقم من زعزعة الاستقرار أو تنتهك سلامة الأراضي الأوكرانية، في غياب أي مؤشرات على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتخذ قرارا بشأن قواته.
حزمة عقوبات
وقد نقلت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي كبير أن مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن سيبحثون، اليوم الثلاثاء، خلال اجتماع في البيت الأبيض حزمة عقوبات من شأنها أن يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد الروسي في حال اجتاحت روسيا الأراضي الأوكرانية.
وأضاف المسؤول الأميركي أن العقوبات المحتملة تشمل منع روسيا من استيراد الهواتف الخلوية ومكونات للطائرات والسيارات ومواد لقطاعات أخرى.
وتابع أنه سيكون لهذه الإجراءات تأثير كبير على الأنشطة الصناعية وسوق العمل والمستهلكين في روسيا.
وكان الرئيس الأميركي توعد مؤخرا روسيا بعقوبات قاسية في حال أقدمت على مهاجمة أوكرانيا.
وفي وقت سابق من اليوم الثلاثاء، أكد حلف شمال الأطلسي (الناتو) أن روسيا مستمرة في حشد قواتها قرب أوكرانيا، وذلك على الرغم من دعوات خفض التصعيد.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ إن أي حوار مع روسيا يجب أن يحترم المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الأمن الأوروبي، مضيفا أن الناتو سيعقد لقاء مع الجانب الروسي في أقرب وقت العام المقبل.
وكان الناتو وواشنطن تحدثا مرارا عن نشر روسيا قوات كبيرة على حدود أوكرانيا، وحذراها من دفع ثمن باهظ في حال أقدمت على اجتياح الأراضي الأوكرانية.
كما تحدثت أوكرانيا عن انتشار نحو 100 ألف جندي روسي على حدودها، وعن غزو روسي محتمل أواخر الشهر المقبل.
لكن موسكو نفت أن يكون لديها أي خطة للهجوم على أوكرانيا، ووصفت التقارير بهذا الشأن بأنها دعاية غربية كاذبة.
بوتين يطالب ويتوعد
وفي موسكو، قال بوتين اليوم الثلاثاء إن بلاده قلقة من مناورات الناتو قرب حدودها ونشر الدرع الصاروخية الأميركية شرق أوروبا، محذرا من أن روسيا سترد بقسوة على أي خطوات عدائية بحقها.
وأضاف بوتين -خلال اجتماع بوزارة الدفاع ضم رئيس هيئة الأركان الجنرال فاليري غيراسيموف- أن روسيا تريد ضمانات أمنية قانونية طويلة الأمد من قبل الغرب وليس وعودا شفهية، وتابع أن بلاده لها كل الحق في الدفاع عن أمنها، موضحا أن روسيا لا تطالب لنفسها بوضع أمني خاص وإنما بأمن عام موحد.
وبشأن الضمانات الأمنية التي يطالب بها، قال الرئيس الروسي إن موسكو تنتظر ردا واضحا وشاملا من واشنطن بشأن مقترحاتها، وتحدث عن إشارات من الجانب الأميركي قائلا إن الرئيس الأميركي جو بايدن اقترح تعيين مبعوث خاص للمفاوضات بشأن الضمانات الأمنية.
من جهته، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو “أميركا تزيد وجودها العسكري بالقرب من حدودنا”، واعتبر أن نشاط القوات المسلحة الأوكرانية قرب حدود بلاده يمثل تهديدا للأمن الروسي.
وأوضح شويغو أن أكثر من 120 عنصرا من شركات عسكرية أميركية خاصة يعملون في دونباس الأوكرانية، مؤكدا أن واشنطن والناتو تستخدمان الطيران الإستراتيجي بشكل أوسع في مناوراتهما قرب الحدود الروسية.
وبالتزامن، قال أندريه رودينكو نائب وزير الخارجية الروسي إن إرسال قوات أميركية إلى أوكرانيا سيؤدي إلى تصعيد الوضع في العلاقات مع بلاده، مضيفا أن موسكو تعول على تفهم الولايات المتحدة عواقب هذه الخطوة.
من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يريد الحصول على إطار زمني محدد من الناتو عام 2022 فيما يتعلق بعضوية بلاده بالحلف، في هذا السياق.
تجربة صاروخية
في هذه الأثناء، كشف المكتب الإعلامي لأسطول المحيط الهادي الروسي عن إجراء تجربة صاروخية وصفها بالناجحة، وتحدث عن إطلاق صاروخ باليستي من طراز “كاليبر” من غواصة في بحر اليابان ليصيب هدفا على الأرض على مسافة ألف كيلومتر.
وجاء في بيان الأسطول أن أحدث الغواصات العاملة بالديزل والكهرباء أطلقت صاروخا من وضعية تحت الماء، في بحر اليابان، أصاب هدفا أرضيا في إقليم خاباروفسك، بالشرق الأقصى الروسي على بعد ألف كيلومتر.
الضمانات الأمنية
وسبق أن أعلن مسؤول في الخارجية الأميركية، اليوم الثلاثاء، أن التواصل مع الجانب الروسي، بشأن التوترات الحالية، سيتم الشهر المقبل.
من جهته، قال قسطنطين غافريلوف رئيس وفد روسيا في محادثات الأمن العسكري ومراقبة التسلح في فيينا إن من الممكن أن تبدأ المفاوضات بين موسكو وواشنطن حول الضمانات الأمنية قريبا.
ويُعد ما تبحثه الاتصالات الروسية الأميركية تحديدا ضمانات طالبت بها موسكو لتخفيف التصعيد، وقد جاءت في مسودتين قُدمت إحداهما للحلف الأطلسي، والثانية للولايات المتحدة.
ففي المسودة المقدمة لواشنطن، تطالب موسكو بتعهد أميركي بعدم توسع الناتو شرقا، ورفض انضمام الدول السوفياتية سابقا إلى الحلف.
كما تتضمن المسودة التزاما أميركيا روسيا بإزالة البنية التحتية لنشر الأسلحة النووية خارج أراضيهما، وأن يمتنع الطرفان عن تدريب العسكريين والمدنيين من الدول التي لا تملك سلاحا نوويا على استخدام تلك الأسلحة.
من جانب آخر تبرز في المسودة المقدمة للناتو مطالبة روسيا بأن تتعهد دول الحلف باستبعاد انضمام أوكرانيا إليها.
كما تقترح على الحلف التخلي عن أي نشاط عسكري في أوكرانيا وأوروبا الشرقية ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى، وأن يتعهد الطرفان بعدم نشر أسلحة وقوات في دول أخرى إضافة إلى تلك الموجودة هناك حاليا.
الجزيرة