هيومن رايتس: مخاوف من محاكمة الرياض لأردنيين وفلسطينيين
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية الجمعة، إن المحاكم الجماعية التي أقامتها السعودية لـ68 مقيما أردنيا وفلسطينيا، تثير مخاوف خطيرة بشأن الإجراءات القانونية الواجبة، وسط اتهامات بارتكاب انتهاكات.
وأشارت المنظمة في بيان لها، إلى أن السلطات السعودية اعتقلت في آذار/ مارس 2018، مجموعة من الفلسطينيين والأردنيين المقيمين منذ فترة طويلة في المملكة، بناء على ادعاءات غامضة تتعلق بصلات مع “كيان إرهابي”، لم يكشف عن اسمه.
وذكرت أنه “بعد عامين من الاعتقال دون تهمة، بدأت السلطات السعودية محاكمة جماعية خلف أبواب مغلقة”، منوهة إلى أن “التهم تضمنت الانتماء لكيان إرهابي، ومساعدة كيان إرهابي وإعانته”، مؤكدة أنها لم تتمكن من الحصول على تفاصيل إضافية حول الاتهامات أو الأدلة المحددة من لوائح الاتهام الجزائية، التي قدمتها السلطات السعودية خلال الجلسة الأولى للمحاكمة.
وقال مايكل بَيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “سجل السعودية الطويل في مجال المحاكمات الجائرة يثير الشكوك، بأن أردنيين وفلسطينيين سيواجهون تهما ملفقة خطيرة وعقوبات قاسية، مع أن بعضهم زعموا تعرضهم لانتهاكات خطيرة”، معتبرا أنه “في الوقت الذي يُمثل فيه فيروس كورونا أخطارا شديدة على السجناء، فيجب على السعودية التفكير في بدائل للاحتجاز، لا سيما للمحبوسين احتياطيا”.
وبحسب البيان، تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى ستة أفراد من عائلات سبعة متهمين، جميعهم طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم خوفا من الانتقام منهم أو من أقاربهم المسجونين.
وقال الأقارب إن “الأجهزة الأمنية السعودية اعتقلت خمسة معتقلين خلال مداهمات لمنازلهم ابتداء من 2018، واعتقلت اثنين آخرين في مطارات في أثناء محاولتهما مغادرة البلاد”، موضحين أن السلطات السعودية ارتكبت مجموعة من الانتهاكات، منها الإخفاء القسري، والحبس الانفرادي الطويل، والتعذيب.
ونقلت المنظمة الحقوقية الدولية عن اثنين من الأقارب، كانا حاضرين خلال مداهمات للمنازل في شباط/ فبراير ونيسان/ أبريل 2019، بقولهما إن “عددا كبيرا من قوات الأمن يرتدون أقنعة، ويحملون بنادق وكاميرات، دخلوا وكأنهم ذاهبون إلى معركة”.
وفي رواية أخرى، ذكرت المنظمة أن قوات الأمن السعودية كانت توجد قرب إحدى المدارس، واستجوبت ابنة أحد المعتقلين، البالغة من العمر 14 عاما، حينما كانت برفقة شقيقتها البالغة من العمر تسع سنوات.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى شهادة أخرى من أحد أفراد أسرة أحد المعتقلين، الذي روى ليلة الاعتقال، قائلا: “عند الساعة الرابعة صباحا، طرق أربعة رجال يرتدون ملابس مدنية الباب، قائلا إن سيارة قريبة قد تعطلت”، مضيفا أنه “عندما جاء المتهم للتحدث إليهم، عرّفوا عن أنفسهم بكونهم من جهاز أمن الدولة”.
وتابع: “أبلغوه أن عليه أن يأتي معهم، وأنه سيعود بعد بضع ساعات”، مؤكدا أن السلطات السعودية رفضت لمدة ثلاثة أشهر إبلاغ أسرته عن مكانه.
ووفق بيان المنظمة الحقوقية، قال جميع أفراد العائلات الستة، إنهم لم يتمكنوا من معرفة وضع أو مكان أقاربهم المحتجزين لأسابيع، ولما يصل إلى ستة أشهر، ولفت بعضهم إلى أنهم بحثوا في سجون المباحث المختلفة، لكن السلطات نفت وجود أقاربهم هناك، ووجد بعضهم فيما بعد أن أقاربهم كانوا في تلك السجون.
وأوضحت المنظمة أن الاختفاء القسري يعرف بموجب القانون الدولي، على أنه اعتقال أو احتجاز شخص من قبل مسؤولي الدولة أو وكلائهم، يليه رفض الاعتراف بالحرمان من الحرية، أو الكشف عن مصير الشخص أو مكانه.
قال بعض أفراد العائلات، إن أقاربهم قالوا لهم إنهم حُبسوا انفراديا بين شهرين وستة أشهر، ثم نُقلوا إلى زنازين جماعية، وبعد ذلك سمحت لهم السلطات بالزيارات والاتصالات الهاتفية. أحد المتهمين، الذي اعتُقل في نيسان/ أبريل 2019 وظل في الحبس الانفرادي لثلاثة أشهر، قال لعائلته خلال زيارتهم الأولى له في تموز/ يوليو، إن السلطات استجوبته خلال تلك الفترة ثلاث مرات فقط، لمدة 20 دقيقة لكل منها.
وذكر ثلاثة من أفراد العائلات أن أقاربهم أخبروهم في أثناء زياراتهم للسجن، أن السلطات عذبتهم في أثناء الاستجوابات، وقال أحدهم إنه بعد احتجاز قريبهم بمعزل عن العالم الخارجي لـ23 يوما، سُمح لهم بزيارة عائلية، لكن بعد ذلك توقف الاتصال لمدة شهرين، تمكن المعتقل أخيرا من إخبار عائلته بأنه تعرض للتعذيب في أماكن مختلفة، منها غرفة في فندق وموقع تحت الأرض.
وأفاد قريب الشخص: “قال إنهم كانوا يوقظونه الساعة 5 صباحا ليضعوا رأسه في ماء ساخن، في بعض الأحيان كانوا يتركونه مُعلقا رأسا على عقب لمدة يومين”.
وأكد بعض أفراد الأسر أنه من الصعب الحفاظ على الاتصال مع قريبهم المحتجز، وقال الأقارب إن السلطات أوقفت المكالمات الهاتفية والزيارات عن ثلاثة متهمين في آب/ أغسطس 2019 دون تفسير، وقال آخرون إن المكالمات الهاتفية تقتصر عادة على دقيقتين أو خمس دقائق.
ونقلت المنظمة عن شاهد حضر جلسة 8 آذار/ مارس للمحاكمة الجماعية، أن القاضي دخل قاعة المحكمة الساعة 11:30 صباحا وغادر الساعة 11:50 صباحا، وقال إن السلطات عرضت المتهمين على القاضي، الذي سألهم إن كانوا مذنبين، وعندها فقط سلموهم نسخا جزئية من لوائح الاتهام الخاصة بهم، التي لم تتضمن أدلة أو أساس الاتهامات.
لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الحصول على نسخ من لوائح الاتهام، لكن الأقارب قالوا إن الأوراق استشهدت بالمواد 32، و33، و38، و43، و47، و53 من نظام مكافحة الإرهاب السعودي، وكلها تفرض عقوبات على التورط مع كيانات إرهابية.
تضمن “نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله” السعودي لعام 2017 تعريفات غامضة وفضفاضة للغاية لأعمال الإرهاب، يعاقب عليها بالإعدام في بعض الحالات، خلص المقرر الخاص للأمم المتحدة آنذاك المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب بعد زيارة إلى السعودية في 2017، إلى أنه “قلق من التعريف الفضفاض غير المقبول للإرهاب واستخدام نظام مكافحة الإرهاب السعودي لعام 2014″، كما أعرب عن “قلقه البالغ إزاء مزاعم التعذيب التي أدلى بها المشتبه في كونهم إرهابيين”.
يشار إلى أن عائلات المتهمين بالمحاكمة الجماعية، عبّروا عن خشيتهم من احتمال تفشي فيروس كورونا بالسجون السعودية، ودعت لإطلاق سراحهم، خصوصا أن المملكة سجلت المئات من الإصابات بالفيروس.