النجوم لا تولد كما كنا نظن… اكتشاف مذهل في قلب درب التبانة

في إنجاز علمي لافت قد يعيد رسم فهمنا لكيفية نشوء النجوم وموتها في الكون، كشف تلسكوب “جيمس ويب” الفضائي عن مشاهد غير مسبوقة لمنطقة ملتهبة وغامضة في قلب مجرتنا تُعرف باسم “القوس C” (Sagittarius C). الدراسة، التي نُشرت في The Astrophysical Journal، تسلّط الضوء على خيوط مضيئة من البلازما ونجوم فتية وحقول مغناطيسية قوية، وتقدّم أدلة مفاجئة قد تفسّر أحد أقدم ألغاز الفلك: لماذا لا تتكوّن النجوم في هذه المنطقة بنفس الوتيرة المتوقعة رغم كثافتها العالية؟
منطقة القوس C: مصنع نجوم لا يشبه غيره
دور غير متوقع للحقول المغناطيسية
أحد أبرز الاكتشافات في هذه الدراسة هو وجود حقول مغناطيسية قوية تمتد عبر الغيوم الكثيفة في القوس C. هذه الحقول تشكّل ما يشبه “الخيوط” من الغاز الساخن، ويُعتقد أنها تُبطئ عملية تكوين النجوم عبر منع الغاز من الانهيار على نفسه.
الباحث “صامويل كرو” من جامعة فرجينيا، وهو أحد المشاركين في الدراسة، يقول إن هذه الحقول تجعل المنطقة تبدو وتتشكل بطريقة مختلفة جذريًا عن أي منطقة أخرى لتكوين النجوم خارج مركز المجرة، ما يفتح آفاقًا جديدة لفهم دور القوى المغناطيسية في تكوين النجوم.
اكتشاف غير متوقع: خيوط بلازمية تمتد لسنوات ضوئية
إحدى المفاجآت الكبرى تمثّلت في رصد خيوط طويلة من البلازما المتوهجة، تمتد لعدة سنوات ضوئية عبر المنطقة. هذه الخيوط لم تكن متوقعة إطلاقًا، بحسب الباحث “روبين فيدرياني” من معهد الفيزياء الفلكية في الأندلس، الذي وصف الاكتشاف بـ”المصادفة البحتة”.
هذه الخيوط ناتجة عن بلازما—غاز ساخن مشحون كهربائيًا—يتوهج عند تعرضه لحقول مغناطيسية قوية. هذا الاكتشاف يعيد النظر في النماذج التقليدية لتكوّن النجوم، ويمنح العلماء أداة جديدة لدراسة كيفية نشوء النجوم في البيئات القاسية.
ولادة وموت النجوم تحت ظروف قصوى
نشوء النجوم داخل سحب الغاز الجزيئي هو عملية عنيفة للغاية، إذ تنهار الغيوم تحت وطأة الجاذبية لتولّد نجوماً فتية، تطلق لاحقًا إشعاعات شديدة تؤدي إلى تبديد الغازات التي أنجبتها. البروفيسور “جون بالي” يلفت إلى أن حتى الشمس، يُعتقد أنها وُلدت في عنقود نجمي هائل مشابه، قبل أن تتباعد “أشقاؤها” النجوم عبر الزمن.
وفي القوس C، تجري هذه الدورة بسرعة هائلة، ما يؤدي إلى تآكل الغبار والغاز المحيط بالنجم الوليد بسرعة كبيرة، وبالتالي تهديد استمرار عملية التكوّن النجمي في المنطقة.
في المستقبل القريب، من المرجح أن يستخدم العلماء هذه البيانات لإعادة بناء النماذج النظرية حول تشكّل النجوم، ليس فقط في مجرتنا، بل في مجرّات بعيدة تعيش نفس الظروف القاسية.