WP: هل تلغي السعودية أحكام الإعدام بجرائم المخدرات؟
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا جاء فيه أن السعودية التي تأتي على رأس قائمة الدول التي تنفذ أحكام الإعدام تفكر في إلغائه بالنسبة للجرائم المتعلقة بالمخدرات.
وأوضحت الصحيفة في تقرير أعده كريم فهيم، أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى إنقاذ حياة العشرات من الذين يسجنون كل عام حسب منظمات حقوق الإنسان.
وتقول الصحيفة إن الخطوة تهدف على ما يبدو لمواجهة الشجب الذي تتعرض له المملكة بسبب سجلها الصارخ في مجال حقوق الإنسان.
وتضيف أن آثار إلغاء حكم الإعدام بجرائم المخدرات مهم لأن 40 بالمئة من الإعدامات التي نفذتها السعودية في 800 شخص خلال الخمسة أعوام الماضية كانت بتهم تهريب المخدرات، بحسب منظمة “ريبريف” المتخصصة في متابعة أحكام الإعدام بالمملكة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي قوله إن بلاده تجري عملية مراجعة لأحكام الإعدام المتعلقة بجرائم المخدرات و”سيعلن عنه قريبا”.
وتشير الصحيفة إلى أن الإعدامات كانت في قلب النقد الدولي للسعودية حيث ركزت على النظام القضائي الغامض الذي يصدر سنويا مئات من أحكام الإعدام ويقطع الرؤوس.
وحتى وقت قريب كانت معظم حالات الإعدام تجري في الساحات العامة.
وبحسب مركز معلومات أحكام الإعدام فقد تفوقت الصين وإيران على السعودية في السنوات الأخيرة. وقالت منظمات حقوق الإنسان إنها سترحب بالخطوة ولكن على الحكومة أن تظهر دليلا على تغير السياسة. فلم تعلم الحكومة مثلا قانونا معدلا أو أبلغت السجناء عن قرار إلغاء أحكام الإعدام.
وحتى هذا العام انخفضت عدد الحالات حيث نفذ حكم الإعدام في 16 شخصا منذ كانون الثاني/يناير مقارنة مع 140 شخصا أعدموا في نفس الفترة عام 2019 و88 في 2018، وهي أرقام المنظمة الاوروبية- السعودية لحقوف الإنسان. وقالت المنظمة وغيرها إنها لا تعرف إن كان القرار مرتبطا بوباء فيروس كورونا أو أنه قرار اتخذته الحكومة.
وقالت مريم أبو الخير الذي صدر حكم ضد شقيقها الأردني حسين أبو الخير بتهمة تهريب مخدرات عام 2015 ويمكن أن ينفذ الإعدام في أي وقت: “نأمل، دائما وندعو”، حسبما قالت “ريبريف” التي تبنت قضيته.
وكان محمد بن سلمان قد تحدث قبل عامين في مقابلة مع مجلة “تايم” عن إلغاء أحكام الإعدام في جرائم معينة. مما يعني تخفيف أحكام الإعدام إلى سجن مدى الحياة، لكن ولي العهد والحاكم الفعلي لم يحدد ذلك الوقت المجالات. ولا تفكر السعودية على ما يبدو بإنهاء حكم الإعدام بجرائم القتل وعدد آخر من الجرائم الأخرى لأن الأحكام بها منصوص عليها حسب الشريعة الإسلامية.
ولكن جرائم المخدرات وغيرها من جرائم اللاعنف يتم تصنيفها تحت أحكام التعزير التي يترك الحكم فيها للقاضي.
ويعتمد القضاة على فتاوى العلماء في عام 1989 التي نصت على حكم الإعدام في جرائم تهريب المخدرات إلى داخل البلاد وكذا على قانون 2005 الذي يدعو إلى تنفيذ حكم الإعدام في التجارة بالمخدرات، وهذا ما ورد في تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش عام 2018 في إعدامات بتهم المخدرات.
واعتقل حسين أبو الخير الذي ينتظر تنفيذ حكم الإعدام على المعبر الحدودي بين الأردن والسعودية في أيار/مايو2014 واتهم بحيازة المخدرات بعدما قالت السلطات إنها عثرت على كميات كبيرة من مادة أمفيتامين في سيارته.
وبحسب تلخيص لحالته لدى المنظمة الأوروبية- السعودية لحقوق الإنسان فقد اعترف بعدما تعرض للتعذيب على مدى اسبوعين. ولكنه تراجع عن اعترافه لاحقا إلا أن المحكمة أدانته بتهمة حيازة المخدرات وأصدرت عليه حكما بالإعدام، وبناء على اعترافه. وتقول شقيقته زينب التي تعيش في كندا إن حسين له ثمانية أولاد وكان يعمل سائقا لدى عائلة سعودية وقت اعتقاله.
وتقول الصحيفة إن قادة السعودية بحثوا عن طرق لإصلاح صورة البلد المشوهة عالميا، خاصة بعد قتل عملاء الحكومة الصحافي في واشنطن بوست جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018. كما وتعرضت المملكة للشجب بعد قيامها بعملية إعدام جماعي بتهم “الإرهاب” بعد محاكمات انتقدتها منظمات حقوق الإنسان.
وفي واحدة من الإعدامات الجماعية في نيسان/إبريل 2019 نفذ حكم الإعدام بـ 37 شخصا بمن فيهم اثنين كانا قاصرين عند الاعتقال.
وقال آدم كوغل، الباحث في منظمة هيومان رايتس ووتش والذي يتابع السعودية “بالتأكيد، كانت السلطات تبحث عن طرق لتنفيذ إصلاحات في بعض القضايا المحرجة والتي أعطت السعودية سمعة سيئة” ومهما كانت الدوافع “فهي خطوات مهمة للأمام لو تم تنفيذها وهناك الكثير من الأشخاص الذين لا يريدون الموت”.
وكان مجلس الشورى قد ناقش إلغاء أحكام الإعدام في القضايا التي تركت لصلاحيات القاضي. وأعلنوا عن إلغاء الإعدام ضد القصر. وقال جيمس سوزانو، مدير المنظمة الأوروبية- السعودية لحقوق الإنسان “توقفوا في شباط/فبراير عن إعدام الأشخاص المحكومين بجرائم لا عنف”.
ولا يعرف إن كان التوقف مقصودا أم أنه نتيجة للوباء الذي أبطأ من عمل مؤسسات الدولة و”لكن هناك أدلة عرضية تعطي فكرة أن السعودية تتعامل مع الموضوع بجدية” كما يقول سوزانو الذي أضاف “لم نر تشريعات تتعلق بالتنفيذ”.
وفي مقال نشرته صحيفة “التايمز” البريطانية في تموز/يوليو نقل عن مصدر قوله إن هناك قانون لم يكتمل وسينهي الإعدام في قضايا التعزير. ولم ترد السفارة السعودية على أسئلة حول إلغاء حكم الإعدام. وقال عبد الله العودة الباحث في جامعة جورج واشنطن إن قرار الحكومة في إلغاء الإعدام لو تأكد يذكره بمقولة لمالكوم إكس ” لو غرزت سكينا في ظهري لثماني بوصات ثم سحبتها لست بوصات فقط، فلن يكون هناك تقدما، هل سيكون؟”.
ويقول إن الجهود السعودية أفضل من سكين مغروز بالكامل. وأضاف العودة وهو نجل الداعية سلمان العودة الذي يواجه حكم الإعدام “من الجيد أنهم يفكرون بهذه الطريقة” ولكن هناك حاجة لإصلاح النظام القضائي كله لا حكم الإعدام.
من جهة أخرى ذكر موقع “بلومبيرغ” أن النائب العام أحال ملفات ثلاثة سجناء صدرت عليهم أحكام بالإعدام بارتكاب جرائم عندما كانوا قاصرين، وذلك لمراجعتها في ضوء المرسوم الملكي الذي يمنع إعدام القصر. وستتم إعادة النظر في الأحكام الصادرة صد علي النمر وداوود المرهون وعبد الله الزاهر بناء على التعليمات التي صدرت بداية العام. وسيتم تنفيذ المرسوم الملكي بالتقادم وستصدر أحكام جديدة ضد المحكومين بالإعدام.
وأشار الموقع إلى أن التحرك لمراجعة الأحكام الصادرة يأتي في ظل تحضير المملكة لاستضافة قمة العشرين نهاية العام الحالي. وحاولت السلطات استخدام المناسبة للتأكيد على الإصلاحات التي تمت في ظل محمد بن سلمان وتحسين صورتها التي تشوهت بعد مقتل جمال خاشقجي.