MEE: هكذا عذبت الإمارات عامل إغاثة تركي في سجونها
نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا
لمراسله في أنقرة راغب صويلو، تحدث فيه عن عامل الإغاثة التركي محمد علي أوزترك
الذي عذب لمدة عامين ونصف في الإمارات بتهمة دعم جماعات في سوريا.
وجاء في التقرير أن أمينة أوزترك وزملاءها كانوا يجلسون في فندق راق بأبو ظبي
يتناولون القهوة أثناء مشاركتهم في معرض تجاري للمواد الغذائية عندما جاءت مجموعة
من الأشخاص، بالزي المدني والثوب التقليدي يسألون عن زوجها محمد علي أوزترك ومعهم
بلاغ بالقبض عليه.
وأشار إلى أنهم وضعوها بعد العثور على زوجها، في
سيارة، وقبل وضع كيس أسود على رأسها صرخت طالبة من زملائها الاتصال بالسفارة
التركية وإخبارها باحتجازها مع زوجها. حيث قاموا بنقلهما إلى مبنى قريب من دبي
قضيا الليل فيه. وفي اليوم التالي أحضرت أمينة إلى المطار وحدها لترحيلها، وقال
لها الرجل الوحيد الذي أخذها إلى بوابة المغادرة “سلمي على أردوغان”.
ورغم الإفراج عنها لم تعرف أمينة أي شيء عن مصير زوجها محمد علي. وبعد عودتها إلى
تركيا حاولت مع زملائها ملاحقة كل وسيلة للكشف عن مكان وجوده. وتعلق أنها ليست
المرة الأولى التي تذهب فيها مع زوجها إلى الإمارات، فهما يذهبان كل عام تقريبا
للمشاركة في المعرض، مشيرة أن زوجها “حصل على التأشيرة للزيارة من سلطات
الإمارات”.
وبعث المسؤولون الأتراك عددا من الرسائل الدبلوماسية إلى نظرائهم الإماراتيين
الذين أكدوا عدم معرفتهم بالحادث. وكان هذا في شباط/فبراير 2018 ولم يفاجأ الأتراك
برد دولة الإمارات. فالعلاقة متوترة بين البلدين ومنذ عام 2016 بعد المحاولة
الإنقلابية الفاشلة وتلميح المسؤولين الأتراك علنا إلى دور ولي عهد أبو ظبي محمد
بن زايد في العملية. ورغم اعتقال مواطنين أتراك في الإمارات لعدد من الأشهر للضغط
على أنقرة إلا أنه أفرج عنهم في النهاية، ولكن الحادث الأخير مختلف.
وبقي محمد علي أوزترك، الذي يدير تجارة في مجال الأغذية لعامين ونصف في
المعتقل. وحكمت عليه محكمة بالإمارات في كانون الأول/ديسمبر 2018 بالسجن مدى
الحياة بتهمة تقديم الدعم المادي “لجماعات إرهابية تقاتل نظام بشار الأسد في
سوريا، ووضع دعاية إرهابية على منصات التواصل الإجتماعي. وأكدت المحكمة العليا
الإماراتية القرار العام الماضي. ويقول داعمو أوزترك إن حالته تعتبر خرقا لحقوق
الإنسان والقانون وهي مثال عن مواطنين يجدون أنفسهم وسط نزاعات دول”.
ويقول مسؤولون أتراك تحدث معهم الموقع البريطاني، إن الإتهامات الموجهة لأوزترك
وصلاته بسوريا لا أساس لها. وتساءل مسؤول تركي “كيف تحكم على شخص بالسجن مدى
الحياة بدون أدلة” مضيفا “هذه قضية سياسية”.
ونقل أوزترك إلى أمن الدولة الإماراتية في شباط/فبراير 2018. وفي مكالمة هاتفية
لزوجته وتسجيل مصور أخبرها بأنه وضع في حجز انفرادي لمدة 30 يوما وحقق معه حول
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقال أوزترك إنه سئل عن دور قطر في البرنامج
الأمريكي التركي لتدريب وتسليح المعارضة السورية الذي ألغي الآن.
وسجل وهو يقول لزوجته “سألوني عن الكيفية التي
تحول فيها قطر الأموال لتركيا ومن ثم إلى المقاتلين. وكانوا يسألوني عن عائلة
أردوغان ودورها فيها”. وأضاف “لا أعرف شيئا عن هذه الأمور، ولو قلت لا
أعرف كانوا يضربوني على رأسي ويعذبوني. وتركوني في غرفة باردة بثقل وضع على ظهري
يجعلني أنحني، لكن الجلوس كان ممنوعا. وأجبرت على الوقوف لأيام”.
وقال أوزترك إن رجله أصيبت وتركت بدون عناية طبية. وسأل المحققون أوزتيرك عن
الكيفية التي تنقل فيها تركيا السلاح إلى جماعات المعارضة المتشددة، وسألوا
بفضولية عن السبب الذي يمنع أردوغان التعاون مع إسرائيل. وبدأ المسؤولون
الإماراتيون بممارسة الضغط على نجل محمد، عبدالله الذي كان يواصل دراسته بالولايات
المتحدة. وقادت شكوكهم إلى تحقيق لمكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) ولكنه لم
يعثر على شيء، إلا أن عبد الله قرر التوقف عن الدراسة والعودة إلى تركيا. ومن
الناحية الرسمية لم تصور السلطات الإماراتية أوزترك بأنه هدف شرعي، بل على العكس
فصورته العامة مختلفة.
وقال الموقع البريطاني، إن أوزترك لا يعرف اللغة العربية أوالإنجليزية، وشارك في
حملات إغاثة بالمناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، شمال سوريا وعبر جمعية أبناء
الجبال التركمان، والتي أنشئت عام 2016. وزار مناطق الشمال السوري بشكل منتظم
لتوزيع الطعام والمياه على المدنيين الذين تعرضوا للقصف والتشريد.
ويبدو أن الإتهام الموجه إلى أوزترك قائم على صور وضعها نفسها مع قادة من جماعات،
مثل هيئة تحرير الشام وأحرار الشام وغيرها من الجماعات أثناء حملات توزيع
المساعدات. ويقول محاميه ميت جينسر “الإتهامات تافهة، فهو عامل إغاثة اندفع
لمساعدة الأبرياء” و “من الواضح أنك لا تستطيع العمل في هذه المناطق
بدون إذن من هذه الجماعات.
وتساءل الموقع: “تتهمه الإمارات بدعم كل من الجيش السوري الحر وهيئة النصرة
وأحرار الشام، فكيف سيحدث هذا؟ وهذه الجماعات تواجه بعضها البعض”. وتتهم
الإمارات أوزترك بدخول سوريا وجمع الأموال بدون إذن رسمي منها. وهذا مثير للدهشة
لأن هناك ألاف الأميال تفرق بين البلدين. وتضم لائحة الاتهامات صورا وأشرطة فيديو
عن اشتباكات شديدة وصور له وهو يحمل البندقية”.
وتقول زوجته أمينة أنه بحاجة إلى بندقية لحماية نفسه في هذه المناطق الخطيرة. وكشف
الموقع أن الكثير من الجهود التي قام بها أوزترك نسقها مع الهلال الأحمر التركي.
وقال صديقه أوغنز تونك أنه من الصعب إدخال أي شاحنة إلى سوريا بدون موافقة الحكومة
التركية. وقال “لديه الأوراق الشرعية والرخصة لجمع التبرعات من مرسين”.
ويصف من يعرفون أوزتيرك بالوطني الذي يحب مساعدة الأتراك والتركمان والمسلمين في
المنطقة. ويلفت تونك إلى أن صديقه بعث المساعدات إلى تلعفر في العراق، حيث يعيش
التركمان، وهم شيعة. فكيف يوصف بأنه جهادي طائفي؟”. وهو لا يظهر بمظهر
المتدين، فزوجته لا ترتدي الحجاب وابنه لا يهتم بالسياسة.
وقال جينسر إن موكله اعتقل بدون مساعدة قنصلية أو استشارة قانونية لعدة أشهر، حيث
احتجز في مكان سري داخل مؤسسة أمن الدولة. وتعرض لتحقيق مستمر وتعذيب حتى محاكمته
نهاية العام الماضي. وأضاف المحامي “تم تعيين محام إماراتي له لكنه لم يكن
قادرا على رؤيته إلا أثناء جلسة الاستماع ولم يوفروا له مترجما مناسبا ولم يسمح له
بالدفاع عن نفسه بطريقة جيدة”.
وبعد قرار المحكمة البدائية سجنه في كانون الأول/ديسمبر
2018 نقل أوزترك من أمن الدولة إلى سجن الوثبة. ولم يتم إخبار عائلته والمسؤولين
الأتراك عن عملية النقل.
وعرفت زوجته تلك التفاصيل عبر سيدة سورية كان ابنها في السجن مع أوزترك. ومنذ ذلك
الوقت استطاع الحديث مع عائلته بحرية. وقالت إن زوجها خسر 25 كيلو من وزنه بسبب
التعذيب. ويتفق تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش هذا العام مع أقوال أمينة.
وجاء فيه إن الأفراد الذين يعيشون في الإمارات يظلون
عرضة للتعذيب والمعاملة السيئة والاعتقال الانفرادي والحرمان من المساعدة
القانونية في القضايا المتعلقة بأمن الدولة. وجاء فيه “يتم استخدام
الاعترافات التي انتزعت بالإكراه في إجراءات المحاكمة فيما يشتكي السجناء من
الظروف الصارخة التي يعيشون فيها وعدم توفر العناية الطبية”. واتصلت عائلته
العام الماضي مع الرئيس رجب طيب أردوغان.
وأشار الموقع البريطاني، إلى أن أردوغان وعد هو ومساعدوه بمتابعة الموضوع. وقال
ياسين أقطاي، أحد مستشاري الرئيس لشؤون الشرق الأوسط: “هذه دولة مافيا ونحن
في معركة وما يمكننا عمله محدود ولكن نعمل ما باستطاعتنا”.
وأضاف أقطاي أن الإمارات “تستخدم هذه السياسة منذ وقت ويريدون منا ترحيل بعض
عناصر الإخوان المسلمين من البلد أو معارضين إماراتيين ولن يحدث هذا، وحالة أوزترك
هي تعبير عن الطريقة التي تتعامل فيها الإمارات”. مشيرا إلى اليمن وليبيا
التي تقوم فيهما بإيذاء المدنيين. ويجب وضعها نفسها أمام المحاكمة لانتهاكاتها
الصارخة لحقوق الإنسان المسؤولة عنها”.