اذا يعني حثّ دول بالاسم على الاستعداد لاضطرابات اجتماعيّة واقتصاديّة مُدمِّرة على وقع كورونا ولماذا يرد اسم الأردن بينها؟.. هل يقع العالم في فخ إرخاء قيود الحظر وهل تَصدُق بُشرى الطبيب الفرنسي بالربيع وماذا عن تجربة اللّقاح النّاجح بأجساد الفئران؟
تتسارع خطوات الدول، في محاولةٍ لتخفيف القُيود المفروضة على الحياة العامّة، على وقع مُواجهة تفشّي فيروس كورونا “كوفيد 19″، وتُعلن دول مثل إيطاليا، وألمانيا، نيّتها لعودة العمل، والمدارس، والجامعات في شهر أيّار، فيما يتزايد حديث دول أخرى مثل سلطنة عُمان، عن دخول البلاد، ذروة تفشّي الفيروس، مما يعني انخفاضاً قادماً في الإصابات، أمّا الولايات المتحدة الأمريكيّة، فيتأمّل رئيسها دونالد ترامب من انخفاض عدد الإصابات، ويعد بقرار عودة الحياة إلى طبيعتها، والقطاعات الاقتصاديّة على وجه الخصوص، لكن ثمّة حكّام ولايات أمريكيّة يرفضون تدابيره المُستعجلة تلك، ويُفضّلون التريّث، حيث الإصابات لا تزال بمئات الآلاف.
منظّمة الصحّة العالميّة، بدا أنها تنبّهت لمساعي الدول تلك، وحذّر مديرها العام تيدروس أدهانوم من خطوات رفع الحظر، مُشيراً إلى ضرورة إرخاء القيود “ببطء”، وضرورة وجود تدابير الصحّة المُناسبة أوّلاً، وهي تحذيرات تأتي في ظل وصول عدد الحالات في العالم إلى 1.9 مليون إصابة، كما دعا أدهانوم كُل حكومة إلى ضرورة تقييم وضعها، لحِماية مُواطنيها.
ووسط تحذيرات عدم التّراخي في مُواجهة الفيروس، ظهر الطبيب الفرنسي ديديه راوول، رافعاً رايات التفاؤل، حين أكّد أن الفيروس التاجي القاتل سيختفي في الربيع، ودّل على قوله هذا، بأنّ الفيروس بدأ بالتلاشي في مدينة مارسيليا التي يتواجد فيها، وهو الأمر الذي اعتبره غير مُستغرب، فهذا ما يحدث بحسبه مع كل فيروس تنفّسي ينتشر، كما استعرض الطبيب نتائج استخدام دواء “هيدروكسي كلوروكين” مع الأزومايتريسين لعلاج المُصابين، لكن ومع هذا يرى خبراء صحّة أنّه وبالرغم من نجاح الدواء في علاج المُصابين بالفيروس، إلا أنّ له أعراضاً جانبيّةً.
وفيما كانت منظّمة الصحّة العالميّة، قد تحدّثت عن حاجة الفيروس لعام على الأقل، لإيجاد لقاح مُناسب له، كان لافتاً نجاح تجارب على الفئران، للقاح تجريبي ضمن تجارب أجرتها جامعة بيتسبرج الأمريكيّة، وبعد أسبوعين من التجارب، بالفِعل كان قد تكوّن مناعة داخل أجسام الفئران، وهي تقنية تعتمد على استخدام “رقعة” تحتوي على مئات من الأبر مُتناهية الصّغر، تخترق جلد الفئران، وتذوب، فينطلق اللقاح، وينتشر بالجسم، لكن العلماء أيضاً قد حذّروا أنّه لم يتم تتبّع الحيوانات المُلقّحة لفترةٍ كافية، لتحديد ما إذا كانت الاستجابة المناعيّة طويلة المدى، كما أنّ الفئران في التجربة لم تتعرّض لفيروس كورونا بعد، وهو ما يُفسِّر إعلان منظّمة الصحّة الحاجة لعام للوصول إلى لقاحٍ ناجعٍ.
على الصعيد العربي كورونيّاً، يرتبط الإعلان في غالبيّة الدول عن انتهاء الجائحة، بانتهائها عالميّاً، والوصول للقاح، وهو ما يعني أنّ الآمال المُنعقدة على العلماء العرب المحليين، ستقتصر على مُكافحة الفيروس، وفي أحسنها تطوير أجهزة تنفّس، وتصنيع ممرّات تعقيم، وهو ما يطرح تساؤلات بالتالي عن الخلل في عدم وجود العقول العربيّة اللامعة التي أثبتت قُدراتها غربيّاً، أو عدم تخصيص دول عربيّة ميزانيّات للصحّة، وتطوير اللقاحات اللازمة، وخروج المُعجزات من مُختبراتها المحليّة، التي ما انفك وزراء الصحّة العرب من التحذير من انفراط عقد أنظمتهم الصحيّة، بحجّة عدم نجاعة أنظمة صحّة دول غربيّة، رغم القُدرات الماليّة المهولة لبعضها، وتوافر الخبرات عند بعض الآخر، واقتصار الأمر على الهرولة لتطبيق التباعد الاجتماعي، وعزل البلاد بمُساعدة قوى الجيش والأمن، وتعطيل المؤسسات الرسميّة، وسط تساؤلات عن عدم وجود تعاون مالي عقلي عربي، ومُفاجأة العالم بإيجاد اللقاح عربيّاً.
ووسط هذه الإجراءات الاحترازيّة، أملاً في احتواء الفيروس القاتل كورونا، التي بدأت تهز اقتصاد دول فقيرة أساساً، جرّاء تعطّل عجلة الاقتصاد، والإنتاج، والرغبة في المُواصلة سريعاً، تدق اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر على طبول مخاوف هذه الدول الفقيرة، وتُؤكِّد إنّ تفشّي الفيروس في منطقة الشرط الأوسط يُهدِّد بتدمير حياة الملايين ممّن يُعانون في مناطق الصراعات، وتحذّر المنظّمة من تفجّر “اضطرابات اجتماعيّة واقتصاديّة”.
اللجنة أيضاً وضعت يدها على الجُرح الذي تتحاشى دول بعينها التطرّق له، حينما أشارت إلى أنّ حظر التجوّل، وإجراءات العزل المفروضة في إطار تدابير الصحّة العامّة لكبح انتشار الفيروس، تجعل من الصّعب على كثيرين توفير سُبل العيش لأسرهم، وهو ما بدا واضحاً على سبيل المثال في الأردن، وفي تقرير تلفزيوني محلّي صريح، اعتبرته السلطات الأردنيّة تحريضاً على إجراءاتها الاحترازيّة في معركتها مع المرض، وهو حين تساءل أحد المُواطنين الأردنيين عن خِياره بالعمل بالمخدرات، في حال لم تسمح له سلطات بلاده الخروج والعمل كونه عامل بالمياومة، الأردن يعود الأحد مُضطرّاً لفتح القطاعات تدريجيّاً، فليس أسوأ من تفشّي الفقر والجوع قبل الفيروس.
الأردن تحديدًا، جرى ذكره بالاسم في بيان لجنة الصليب الأحمر ومقرها جنيف، وحثّته بالاسم إلى جانب كُلٍّ من سورية، والعراق، واليمن، وقطاع غزّة، ولبنان، على الاستعداد لتداعيات مُدمِّرة مُحتملة، وزلزال اجتماعي واقتصادي، وهو ما يطرح تساؤلات حول ورود اسم الأردن، إلى جانب دول مثل سورية والعراق واليمن، وغزّة، تعتبر مناطق صراعات فعليّة، فكلها شهدت حروب عسكريّة دمويّة دون استثناء، وإذا ما قورن بها الأردن، فيعد واحة أمن وأمان بحسب الأدبيّات الأردنيّة.
وحظيت المملكة الهاشميّة بإشادات عالميّة بتعاملها السريع مع أزمة الفيروس، وحِرصها على أرواح مُواطنيها، وهو ما قد يعني فشل الإجراءت الاحترازيّة الأردنيّة بحسب تحذيرات لجنة الصليب الأحمر على المدى البعيد اقتصاديّاً، وعدم وجود بدائل حكوميّة ما بعد كورونا، غير فرض مزيد من الضرائب، وارتفاع الأسعار، والغلاء المعيشي، لتعويض التعطيل، وتعطّل الإنتاج لحماية الأرواح، وهو ما يُفسّر شدّة لهجة تحذير الدول المذكورة في البيان الاستعداد لزلزال اجتماعي واقتصادي، وهو ما يفرض على سلطات تلك الدول البحث في البدائل، خاصّةً أنّ دولة مثل سورية بدأت تقر بإمكانياتها الصحيّة المُتهالكة بفِعل الحرب، وتطلب رفع العُقوبات لمُواجهة كورونا، رغم تسجيلها 29 حالة إصابة فقط، وقد يكون اليمن استثناءً، فهو بلدٌ اعتاد الحرب والأوبئة والأمراض، والجوع والفقر.
اللّافت في بيان لجنة الصليب الأحمر، أنّه لم يذكر دول المغرب العربي، حيث كانت تلك الدول أقل صرامةً في التعامل مع الفيروس من حيث الإغلاقات، وتعطيل الحياة، باستِثناء دول الصراعات، وهو ما يطرح تساؤلات أخرى حول ثقة تلك الدول بنظامها الصحّي، والكُلفة الاقتصاديّة الأقل على فاتورة حسابها بعد انتهاء الجائحة، بينما في المُقابل أيضاً لم ترد دول الخليج ضمن تلك التحذيرات، ولعلّ البيان قد عوّل وفق ما يقرأ مراقبون، على القدرات الماليّة للدول النفطيّة، وطبيعة شُعوبها التي لم تُسجِّل انتفاضات شعبيّة تُذكر بأي ظُروف، برغم أنّ العربيّة السعوديّة مثالاً، تُواجه أزمة انخفاض أسعار النفط، كما خسائر البدائل الماليّة، جرّاء احتماليّة تعليق موسم الحج، وتعليق العمرة القائم في رمضان.