هكذا روّج نظام السيسي “أكاذيب” على لسان إعلاميين معارضين
تحت عنوان “حكاية
جمهورية الفبركة”، بثت قناة الشرق الفضائية (مصرية معارضة تبث من دولة
تركيا)، مقطع فيديو يثبت ما وصفته بـ”فبركة” إعلام النظام المصري
تصريحات على لسان بعض الإعلاميين المعارضين، مشيرة إلى اجتزاء وتحريف تصريحات على
لسان الإعلامي معتز مطر.
وقبل أيام، وتزامنا مع الحلقات الأخيرة من مسلسل “الاختيار” الذي عُرض
خلال شهر رمضان، عرضت وسائل إعلام مختلفة مؤيدة لنظام رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي مجموعة “بروموهات” لعدد من الإعلاميين المعارضين وهم يطلقون
تصريحات تهاجم مسلسل “الاختيار”، و”يحرضون على الإرهاب، وقتل
الجنود، واحتلال تركيا لمصر”، بحسب زعمهم.
وجاء في الفيديو الذي بثته
قناة الشرق أن هناك حملة ممنهجة عبر وسائل إعلام تابعة للنظام المصري قامت بترويج
ما وصفته بـ”برومو الأكاذيب” على نطاق واسع، لافتا إلى أن “الحقيقة
دائما تؤلم من تعوّد على الأوهام”.
وعرض أحد بروموهات إعلام السيسي جملة على لسان معتز مطر وهو يقول: “الشهيد
بإذن ربه هشام عشماوي”، إلا أن “مطر” أوضح أن البرومو
“المزيف” لم يأت بمقطع الفيديو الأصلي الذي يتحدث فيه بالصوت والصورة،
بل اكتفى بعرض الصوت فقط، وقاموا باقتطاع جملتين مختلفتين من حلقاته السابقة، ثم
تم دمج الجملتين وكأنهما قيلا كجملة واحدة، وضمن سياق واحد، بخلاف الحقيقة.
كما عرض “برومو إعلام السيسي” جملة أخرى على لسان معتز مطر وهو يقول: “إذا رأيتموهم في الشوارع اقتلوهم.. الدعوة صريحة للقتل”، بينما كان في حقيقة الأمر يقوم بالتعليق على أحد مانشيتات صحيفة البوابة نيوز، التي حرّضت صراحة على القتل خلال ذكرى ثورة يناير عام 2015، حيث كان المانشيت الرئيسي لها: “(اليوم 25 يناير.. “المخربون”.. إذا رأيتموهم في الشوارع اقتلوهم)”، وقد كان “مطر” ينتقد بشدة هذا المانشيت “التحريضي”، بينما لم يحرّض هو أو يطلق أي دعوة لقتل أحد.
وتحدى “مطر” إعلام السيسي بأن يعرضوا له مقطع فيديو (صوت وصورة)، وهو يقول في جملة واحدة (الشهيد بإذن ربه هشام عشماوي). كما تحداهم أيضا بعرض أي جملة يُحرّض فيها على القتل أو العنف أو الإرهاب.
“أكاذيب فجّة”
من جهته، قال الإعلامي بقناة مكملين الفضائية، حمزة
زوبع،: “كالعادة، يتم قطع ولزق أجزاء منزوعة من سياق مختلف تماما عن السياق
الحقيقي الذي جاءت فيه تصريحاتي، وقد أثبت ذلك في برنامجي أكثر من مرة، حيث إنهم
اعتادوا على اجتزاء مقتطفات من تصريحاتنا، ثم يقومون بوضعها في سياق آخر جديد، حتى
يبدو الأمر وكأننا قلنا ذلك بالفعل”.
وأضاف زوبع، في تصريح “في إحدى المرات السابقة، اقتطعوا أجزاء من حديثي،
وقاموا بتجميعها في مقطع فيديو واحد مع زملاء آخرين لنا، وقمت حينها بالرد عليهم
من خلال عرض الفيديوهات الأصلية، وأثبت زيفهم وكذبهم وتلفيقهم”.
وتساءل: “كيف يصدق
المشاهد المصري والعربي تلك الأكاذيب الفجّة الصادرة عن سلطة قتلت، ونهبت، وكذبت،
ولا تزال؟ وكيف يُؤتمن السيسي على وطن ترك جنوده وضباطه يُقتلون في سيناء دون أي
دعم، وفي نفس الوقت ينفق المليارات على بناء القصور، ثم ينتج مسلسلات يمتدح فيها
بطولة من تركهم بلا دعم ولا غطاء جوي، ليس مرة، بل عشرات المرات”.
“تأثير إعلام المعارضة”
واستطرد زوبع، وهو رئيس رابطة الإعلاميين المصريين بالخارج، قائلا: “الهجوم
علينا لن يعيد من ماتوا، ولن يعيد مياه النيل، ولا جزيرتي تيران وصنافير، ولن يبني
مستشفيات ولا جامعات، والافتراء كذبا علينا هو محاولة لتخدير أنصاره بعد فشله
الذريع وعصابته التي لا يمكن لأحد الدفاع عنها”، متسائلا: “هل سينتج
السيسي عملا دراميا عن تيران وصنافير، أو فيلما سينمائيا عن ترعة قناة السويس، أو
الفشل في مواجهة جائحة كورونا؟”.
ورأى أن “هذا الهجوم الذي يتعرض له الإعلاميون المعارضون هو خير دليل على مدى
تأثيرهم الواسع ووصولهم لملايين المشاهدين في مصر والعالم العربي”، مضيفا:
“إن لم يكن لنا تأثير كبير -كما يزعمون- فلماذا هم منشغلون بنا إلى هذه
الدرجة؟ ولماذا هم يتابعوننا على مدار الساعة؟ ولماذا يلجأون إلى حملات التشويه
والكذب والافتراء، فضلا عن حملات التنكيل بنا وبعائلاتنا بصور مختلفة؟”.
وأكمل زوبع بقوله: “السيسي يحاول مرارا إقناع أتباعه بأنه يعمل لخدمتهم،
بينما الحقيقة أنه يعمل لصالح المشروع الصهيوني، وقد ورط الجيش المصري معه،
وأهانه، ونال منه، ونحن الذين ندافع عن مؤسسات الدولة التي يهدمها، ونحن أحرص منه
على دماء جميع المصريين وعلى تلك المؤسسات”.
واختتم رئيس رابطة الإعلاميين المصريين بالخارج بقوله: “ما تقوم به سلطة
الانقلاب هي محاولات فاشلة لم ولن تنال منّا بأي صورة من الصور، وعبر جيش إلكتروني
جبار على مواقع التواصل وفي وسائل إعلامهم المختلفة، ولكن سنبقى في نفس المربع
ندافع عن الحقيقة والوطن، وعن الثورة والدولة، وعن الشعب والأمة”.
“التغطية على الفشل”
بدوره، قال مدير قناة الشرق الفضائية، أحمد عبده: “في إطار التغطية على الفشل
المستمر في إدارة الدولة على كل المستويات، وما نشاهده من مهزلة يتعرض لها الشعب
المصري من ذل ومهانة وإهمال فيما يتعلق بجائحة كورونا، والفشل في إدارة موارد
الدولة الرئيسية، وعلى رأسها ملف سد النهضة؛ فقد قامت أجهزة الدولة، المتمثلة في
الشؤون المعنوية، بمحاولة التغطية على فشل النظام بالتوجيه المباشر لبعض القنوات
التابعة لهم بعمل بروموهات تم استخدام المونتاج فيها بالقص والتحريف، واجتزاء بعض
الكلمات والجمل؛ لتخدم فكرتهم الخبيثة”.
وأكد عبده، في تصريحات ، أن “نظام السيسي يسعى جاهدا لمحاولة شيطنة إعلام
الثورة في الخارج، ويحاول إلصاق تهم نحن منها براء جملة وتفصيلا، ولا يمكن أبدا أن
نتبنى تلك الترهات التي يروّجون لها ليل نهار”.
وتابع: “البروموهات التي أنتجها النظام تتم إذاعتها بكثافة على كل الوسائل
التابعة لهم عن طريق شاشات القنوات، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة”،
مشدّدا على أن “هذه البروموهات ما هي إلا جزء من حملة تشويه وافتراء وكذب ضد
قناة الشرق، وضد سياستها التحريرية الواضحة، والتي دائما ما تحافظ على ثوابت لم
ولن ننحرف عنها يوما ما، خاصة فيما يتعلق بمقومات مصر وأمنها، ورفض كل صور العنف
والإرهاب”.
وأضاف: “نحن لم ولن ننجر في أي لحظة وراء دعوة لعنف أو لتحريض على القتل
مثلما يفعل الإعلاميون والقنوات الفضائية التابعة لنظام السيسي، الذين حرّضوا
صراحة، ومرارا وتكرارا، على قتل المعارضين، وفي القلب منهم الإعلاميون المتواجدون
بالخارج”.
“حملات متوقعة”
ونوّه مدير قناة الشرق الفضائية إلى أن “حملات التشويه والأكاذيب الفجّة التي
نتعرض لها هي أمور طبيعية ومتوقعة، لأنها ببساطة تأتي اتساقا مع التصريحات التي
توعد فيها السيسي -خلال شهر أيار/ مايو 2018- إعلام الخارج بالمحاسبة، حيث تبعه
حاشيته وأبواقه من بعض المذيعين على هذا المنوال التحريضي”.
ولأول مرة، هدّد السيسي إعلام المعارضة في الخارج، قائلا: “أي حد يتكلم في
القنوات التلفزيونية اللي بره والله كله هيتحاسب.. والله كله هيتحاسب.. اللي بيخدع
الناس، واللي بيضحك على الناس ويخدعهم، ويحطم آمال الناس.. كله هيتحاسب”، على
حد قوله.
واستشهد عبده بـ”التصريحات التحريضية” التي أطلقتها المذيع المُقرب من
الأجهزة الأمنية، محمد الباز، الذي دعا صراحة على قناة المحور، عقب تصريحات السيسي
بشهور قليلة، إلى قتل سياسيين وإعلاميين بالخارج، فضلا عن المذيع أحمد موسى على
قناة “صدى البلد”، الذي قال إنه “يحرض في كل حلقاته ضد المعارضة،
سواء في الداخل والخارج”.