موقع أمريكي: خسارة ترامب قد تعرضه للملاحقة القانونية.. كيف؟
نشر موقع “theintercept” الأمريكية تقريرا مطولا عما قد يحدث للرئيس الأمريكي دونالد ترامب من محاكمات في حال خسارته في الانتخابات القادمة في تشرين ثاني/ نوفمبر القادم.
وتحدث التقرير في بدايته عن صعوبة محاكمة أي رئيس أمريكي سابق، مشيرا إلى أن الوضع مع ترامب قد يكون مختلفا بسبب عدة عوامل.
وفي ما يأتي التقرير كاملا الذي كتبه جون شوارز، :
“حتى لو خسر دونالد ترامب الانتخابات الأمريكية فمن الصعب أن نتخيل أنه ستتم إدانته بأي جريمة، ناهيك عن قضائه بعض الوقت في السجن. هذا لأنه وقبل كل شيء لم يسبق لأي رئيس أمريكي سابق أن يدخل السجن -ليس لأن جميع الرؤساء السابقين اتبعوا القانون بأمانة- إلا أن جميع الرؤساء يستفيدون من المزايا الضخمة والخدمات المستحقة لهم، بعد أن يصبحوا رؤساء سابقين. والأهم من ذلك أن الرؤساء السابقون يتلقون حماية سياسية من حلفائهم، كما حدث عندما أصدر جيرالد فورد عفواً عن ريتشارد نيكسون على كل شيء قام به أثناء توليه الرئاسة.
ومع ذلك حدثت أشياء أغرب من محاكمة ترامب في الفترة الماضية، على سبيل المثال انتخاب ترامب كرئيس لأمريكا في المقام الأول.
يعد ترامب أكثر عرضة للمحاكمة من الرؤساء السابقين لأنه متورط في العديد من الجرائم الرئاسية غير التقليدية، فبعد غزو العراق، ارتكب جورج دبليو بوش ما أشارت إليه محاكمات نورمبرغ بـ”الجريمة الدولية الكبرى” المتمثلة بشن حرب عدوانية. إلا أنه لم تكن هناك أي فرصة لمعاقبته على ما فعل، لأن هيكل القوة في الولايات المتحدة يوافق على أن الرؤساء الأمريكيين لديهم الحق في القيام بذلك. على النقيض من ذلك، شار ك ترامب في العديد من الأنشطة الإجرامية الصغيرة نسبياً إلا أنها خارج نطاق مهامه الرئاسية.
وفي الوقت الراهن، يعتبر الرئيس ترامب محمياً من لائحة الاتهام بموجب جميع القوانين الفيدرالية لأنه رئيس.
وعلى مدى عقود أكدت وزارة العدل أنها لا تستطيع مقاضاة الرؤساء الحاليين. وأوضح المستشار السابق روبرت مولر أنه لم يكن لديه خيار توجيه اتهامات لترامب لأن الأمر غير دستوري.
ووفقاً لحكم صدر مؤخراً عن المحكمة العليا نظرياً فقط يمكن توجيه الاتهام لترامب لانتهاكه قوانين الولاية أثناء توليه منصب الرئاسة.
لكن إذا خسر ترامب وخرج من المكتب البيضاوي، فإن درعه الرئاسي سيتحطم. يمكنه محاولة العفو عن نفسه على جميع الجرائم التي ارتكبها في طريق خروجه، لكن لا أحد يعرف ما إذا كان بإمكان الرؤساء القيام بذلك. حيث أنه لم يقم أحد بذلك من قبل، وعلى أية حال فإن هذه الأمور ستنطبق على انتهاكات القانون الفيدرالي فقط.
وعلى فرض أن ترامب خسر، ولم يعفُ عن نفسه، وفجأة أصبحت أنظمة العدالة الحكومية والفيدرالية متأهبة بشكل ليس له مثيل لمحاسبة الأقوياء، فسيصبح ترامب عرضة للملاحقة القضائية بتهم نعرفها والكثير الكثير مما لا نعرفه.
ولقد بذل ترامب مجهوداً كبيراً لعدم الإفصاح عن ضرائبه. كما أنه أعلن أن أي تحقيق في ماليته من قبل مولر ستعتبر تجاوزاً “للخط الأحمر”.
وبلا شك فإن هناك سببا لقلقه، فقانون الضرائب الأمريكي يوفر العديد من الطرق للأثرياء -خاصة مطوري العقارات- لتجنب الضرائب بشكل قانوني ما يتطلب جهداً خاصاً للتهرب منها بشكل غير قانوني، ويبدو أن ترامب كان على مستوى عال من التحدي. وكما يبدو فإن الاحتيال الضريبي هو تقليد عائلي بالنسبة لترامب.
التحقيق الأخير الذي أجرته صحيفة “نيويورك تايمز” حول ضرائب ترامب كشف أنه على ما يبدو أن ترامب قام بمناورات لتمرير أموال معفاة من الضرائب إلى أولاده.
وكشفت “التايمز” عن سلوك إجرامي محتمل في معاملة ترامب لعقار ضخم يمتلكه على أنه ملكية استثمارية وليست شخصية، ما سمح له بشطب الضرائب العقارية كمصروفات تجارية.
ثم إن هناك قضية قرض ترامب البالغة قيمته 50 مليون دولار لنفسه، والكثير من الأمور الأخرى التي يمكن أن يتم كشفها وتأكيدها بتحقيق حكومي أو فيدرالي شامل. كل ما يحدث هو لأن مايكل كوهين الوسيط السابق لترامب الذي اعترف بنفسه على العديد من تهم التهرب الضريبي قال مؤخراً إن ترامب “قد يكون قريباً أول رئيس ينتقل من البيت الأبيض مباشرة إلى السجن”.
ويقوم سايروس فانس جونيور المدعي العام لمنطقة مانهاتن بالتحقيق في ما يسميه مكتبه “سلوكاً إجرامياً واسع النطاق وطويل الأمد في منظمة ترامب”. بخلاف ضرائب ترامب يبدو أن فانس يحقق في ما إذا كان ترامب قد قدم لشركات التأمين والبنوك بيانات كاذبة حول مركزه المالي من أجل الحصول على أقساط وأسعار فوائد أقل على القروض.
والقضية الأخطر من ذلك هي تبرع ترامب بمبلغ 10 ملايين دولار لحملته في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 في الأيام الأخيرة للحملة. ومع أن ترامب كان حينها لا يملك سيولة نقدية، إلا أنه تلقى دفعة قدرها 21 مليون دولار من فندق في لاس فيغاس يمتلكه مع صديق له. وإذا لم يكن المبلغ قانونياً فقد تكون هذه المساهمة غير قانونية لحملته.
وقام مولر وآخرون بالتحقيق لسنوات في ما إذا كان قد تم تقديم المبلغ من قبل بنك مصري إلا أن التحقيق أغلق في تموز/ يوليو الماضي دون استدعاء سجلات ترامب المالية.
ويشتهر ترامب بممارسة الأعمال التجارية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك البلدان التي تعتبر فيها الرشاوى أمراً روتينياً. وبفضل قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة فإنه من غير القانوني للأمريكيين المشاركة في هذا الأمر.
ويشير أندرو وايزمان أحد كبار المدعين العامين لمولر أنه نظراً لأن التحقيق لم يتعمق في الشؤون المالية لترامب فإننا “لا نعرف ما إذا كان ترامب قد دفع رشاوى لمسؤولين أجانب لتأمين معاملات تفضيلية لمصالحه التجارية”.
كما أن غلين كيرشنر المدعي الفيدرالي السابق يقول بأنه تجب محاكمة ترامب بتهمة القتل بسبب الإهمال جراء تعامله مع جائحة فيروس كورونا.
وبينما يعتقد مولر أنه لا يمكن توجيه الاتهام إلى الرؤساء أثناء وجودهم في مناصبهم، فقد أكد تقريره النهائي أن “الرئيس لا يتمتع بالحصانة بعد أن يترك منصبه”. ولهذا السبب كتب: “لقد أجرينا تحقيقًا واقعيًا شاملًا من أجل الحفاظ على الأدلة عندما كانت ذاكرة الناس جديدة والمواد الوثائقية متاحة”.
وبعد إصدار مولر للتقرير، ذكر أكثر من ألف مدع فيدرالي سابق أنه إذا لم يكن ترامب رئيسا، فإن سلوكه الذي وصفه مولر “سيؤدي إلى اتهامات جنائية مفادها عرقلة سير العدالة”.
وأخيراً، وربما الأهم من كل ذلك أنه يمكن مساءلة ترامب مرة أخرى، في حين أن المساءلة هي عملية سياسية وليست جنائية، إلا أنه إذا تمت إدانة ترامب في نظام العدالة الجنائي، فسيكون من السهل أن تتم مساءلته مرة أخرى في مجلس النواب ثم إدانته في مجلس الشيوخ.
والغريب أنه لا يوجد نص في دستور الولايات المتحدة ينص على أنه لا يمكن مساءلة الرؤساء بعد تركهم لمناصبهم. إلا أن العقوبة المنصوص عليها في الدستور للمساءلة والإدانة تشمل “عدم الأهلية لتولي أي منصب شرف أو ثقة أو فوز في الولايات المتحدة”.. بعبارة أخرى لن يتمكن ترامب الذي تم عزله وإدانته من الترشح للرئاسة مرة أخرى.