متى تنتهي الازمة السورية

ياسين نجار
الأسد يريد إنهاء الضغوط الروسية السياسية عليه، والانقلاب على رامي مخلوف يحقق نتائج اقتصادية ونتائج سياسية، مفادها أنه ما زال قادرا على التحكم بكل الأوراق داخل البلاد، وأن صناع القرار في الكرملين لن يجدوا بديلا عنه في الحكم.
وجاء انقلاب الأسد على رامي مخلوف تتويجا للضغوط الروسية التي تعود لأشهر طويلة قبل أن تنتقل إلى وسائل الإعلام، ولذلك، فإن أهمية الخلاف بين الأسد ورامي مخلوف لا تكمن في النتائج المترتبة عليه، وإنما في أسبابه، فالنظام قادر على استبدال رامي مخلوف بعشرات غيره، وقادر على نسج تحالفات طائفية وغير طائفية، وقادر على الإتيان بمصاصي دماء كثر ممن ينهبون ويقتلون ويجدون في هذا النظام تربة خصبة لطموحاتهم.
على مدار الأعوام
القليلة الماضية، قامت المقاربة الروسية على إضعاف فصائل المعارضة مع تحصيل أكبر
قدر ممكن من الأراضي لصالح النظام، في حين قامت المقاربة الأمريكية على أن هذه
الأراضي المستعادة لا تعتبر أراضيَ مفيدة للنظام وروسيا، وبالتالي لا تمنحهما
أفضلية استراتيجية.
وقد بدأ الكرملين
منذ العام الماضي يعي هذه المسألة، فهذه الأراضي المستعادة شكلت عبئا اقتصاديا على
النظام وعبئا سياسيا على روسيا، لأن النظام وجد نفسه منتصرا عسكريا وليس في وارد
تقديم تنازلات سياسية، الأمر الذي يضع موسكو في عنق الزجاجة على المستوى
الاستراتيجي.
كانت خلافة بشّار الأسد، بدل باسل الأسد، لوالده بداية تحوّل على صعيد انتقال الحكم من الطائفة الى العائلة الواحدة في ظلّ توسّع للدور الايراني. وصف احد الزعماء العرب سوريا في عهد بشّار الأسد وفي ظلّ والدته انيسة وخاله محمّد (أبو رامي) بانّها تحولت الى ما يشبه شركة مساهمة عائلية يديرها مجلس إدارة. ما نشهده الآن هو انفراط الشركة في ظل غياب الام (انيسة) ومرض الخال (محمد مخلوف) والتخلّص قبل ذلك، في 2012، من آصف شوكت الذي كان دخيلا على العائلة على الرغم من زواجه من بشرى الأسد، الشقيقة الكبرى لبشّار.
م تعد سوريا لاعبا إقليميا بمقدار ما ان المطروح العودة الى عنواني كتابي باتريك سيل ونيكولاس فان دام، أي الى “الصراع على سوريا” و”الصراع على السلطة في سوريا”. العنوان الاوّل يضع الازمة السورية الدائمة في اطارها الإقليمي… والثاني يضع ازمة سوريا في الاطار الداخلي، أي في اطار طائفي ومذهبي صار الآن عائليا في المفهوم الضيّق، بل الاضيق
الصراع السوري ما يزال طويلا، وهو يحمل عناوين وأشكالا مختلفة: كانت البداية بثورة سلمية حقيقية ما لبثت أن تسلحت قبل أن تستحيل إلى أزمة إقليمية ودولية، ثم بدأ طور التراجع العسكري حتى وصل إلى حدوده الدنيا، لينطلق بعدها صراع سياسي ـ اقتصادي مفتوح وطويل الأمد، هو الشكل الأحدث للحرب الأهلية المستمرة.