لوفيغارو: ماذا يقول العلماء في تأثير الكذب على الأطفال؟
نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن تأثيرات كذب الوالدين على تطور شخصية الطفل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن أغلب الآباء يودون ترسيخ صفات مثل الصدق والشفافية لدى أطفالهم، بيد أن ذلك لا يمنعهم من قول الأكاذيب. قد يكذب البالغون عن حسن نية مثل عدم الرغبة في جرح مشاعر الآخرين، ولكن لابد من شرح هذا الأمر للطفل حتى يفهم سبب التناقض بين ما يوصي به الوالدان وما يفعلانه.
أما بعض الأكاذيب التقليدية فلا يمكن شرحها، لأن الأطفال يكتشفون حقيقتها عندما يكبرون. وهي لا ترمز سوى للحب غير المشروط للوالدين.
ونقلت الصحيفة عن أخصائية علم النفس السريري في مارسيليا، أودري بلاتانيا، أن “هذا الأمر يختلف عندما يتعلق الأمر بالأكاذيب التي يقولها الوالدان بشكل متكرر وفي جميع السياقات. فعندما يوصي الوالدان الطفل بتجنب الكذب بينما يرى أنهما يفعلان ذلك بانتظام، فهذا سيجعله يعيش في تناقض. ونتيجة لذلك، سيحدث اضطراب في عملية التعلم عن طريق المنطق نتيجة الرسائل المتناقضة التي لا توفر معايير يمكن الوثوق بها”.
وحسب الأخصائية النفسية، فإن الأكاذيب تشوه الحقيقة. ومن حيث فهم وتطوير المنطق، من المهم توفير الاتساق والانسجام بين ما يعيشه الطفل والمحيط الذي ينشأ فيه. وتشكل مشهد مشوه عن الواقع لدى الطفل من شأنه أن يؤثر سلبا على تطور تفكيره المنطقي. وفي الحقيقة، يستخدم الأطفال أفكار البالغين لفلترة عناصر المحيط وفهمها. بعبارة أخرى، يساهم البالغون في مساعدة الطفل على إضفاء معنى ومنطقية على العالم الذي يحيط به.
وأوردت الصحيفة أن دراسة نشرت سنة 2019 في مجلة علم نفس الطفل التجريبي أجراها باحثون من سنغافورة وكندا والولايات المتحدة والصين، أظهرت أن الأكاذيب المتكررة خلال الطفولة من قبيل “ليس لدينا مال، سنعود فيما بعد” أو “إذا لم تعد، سنغادر من دونك”، من شأنها أن تجعلهم في المستقبل بالغين يتقنون التلاعب بالآخرين.
الاعتياد على الكذب
أشارت الصحيفة إلى أن الكذب المتكرر يؤثر على نشاط اللوزة الدماغية، التي يتمثل دورها في توقع التهديدات. وقد أظهرت دراسة أجراها المتخصص في علم الأعصاب المعرفي بكلية لندن الجامعية، نيل غاريت، شملت 80 شخصا أن الاعتياد على الكذب يجعل الشخص أقل توقعا لعواقب أفعاله. وكلما كذب الشخص أكثر قل نشاط اللوزة الدماغية وتراجع إدراك الشخص لخطورة أكاذيبه.
وحذرت الصحيفة من أن أسوأ الأكاذيب وأشدها وطأة على الطفل هي الأسرار التي تخفيها العائلة مثل عدم معرفة حقيقة أنه متبنى، أو الحقائق المسكوت عنها مثل عدم إخباره بأن والده الفعلي ليس والده البيولوجي، لأنها تشكل الحقيقة لدى الطفل، وكشفها يمكن أن يؤدي إلى تحول الواقع.
وتوضح الأخصائية النفسية أودري بلاتانيا أنه “عندما يكون أحد عناصر الحقيقة مخفيا فإن ذلك يسبب تنافرا بين ذاكرة الجسد والذاكرة المعرفية التي تضفي معنى على التجربة المعاشة، وهو ما يؤثر بالتالي على الذاكرة طويلة الأمد. بالنسبة لبعض الأطفال، يترجم هذا التنافر إلى الخوف من التعلم على مستوى الحفظ والتركيز وحرية التفكير. وفي مرحلة المراهقة أو ما قبلها، يمكن أن يواجه الطفل مشاكل في بناء الهوية ما يولد لديه شعورا بعدم الأمان”.
وخلصت الصحيفة إلى أن تجنب الكذب لا يتعلق بإخبار الطفل بكل شيء دفعة واحدة دائما وإنما بتقديم الحقيقة عندما يكون من الصعب سماعها، مثل موت أحد الأقرباء أو انفصال الوالدين أو سر عائلي، ويكون ذلك على مراحل وبجرعات صغيرة تجنبا لتعرض الطفل لصدمة، مع مراعاة قدرته على الاستيعاب.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد وفاة جورج فلويد، الأمريكي
من أصل أفريقي الذي لفظ أنفاسه الأخيرة بينما كان ضابط شرطة أبيض في مينيابوليس
بولاية مينيسوتا يضغط على عنقه أثناء اعتقاله، ظهرت عمليات النهب والتخريب إلى
جانب المسيرات السلمية.
ودفع ذلك الرئيس الأمريكي إلى تقديم نفسه في الأول من
حزيران/ يونيو على أنه “رئيس القانون والنظام”،
مرددا شعار ريتشارد نيكسون الذي ساعده للوصول إلى البيت الأبيض عام 1968، على إثر أعمال
الشغب الناجمة عن اغتيال مارتن لوثر كينغ.
وأوردت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي غذى بتصرفاته
التساؤلات حول مدى صدقه فيما يتعلق بردع المتظاهرين غير العنيفين الذين تجمعوا
بالقرب من البيت الأبيض، وذلك عندما رفع الكتاب المقدس في يده أمام الكنيسة التي
تعرضت لأضرار طفيفة.
وذكرت الصحيفة أن نشر القوات في بورتلاند يبدو كمحاولة
بدائية لتحويل انتباه الأمريكيين عن قضاياهم الأساسية، على غرار وباء كوفيد-19
الذي لا يزال يدمر الولايات المتحدة مع أكثر من 150 ألف حالة وفاة. في الوقت نفسه، تمت مضاعفة الإعلانات السياسية المثيرة
للقلق التي صورت أمريكا في حالة من الفوضى. ومن المؤكد أن ذلك سيكون مفيدا للمرشح الديمقراطي،
نائب الرئيس السابق جو بايدن، الذي من المتوقع أن يحقق الفوز في انتخابات تشرين
الثاني/ نوفمبر.
وأضافت الصحيفة أن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه على
الرغم من الشعارات الواعدة لترامب على حسابه على تويتر المنادية بـ “القانون
والنظام”، إلا أن جو بايدن يعتبر حسب الأغلبية المرشح الأفضل والأكثر قدرة
على ضمان سلامة الأمريكيين.
وما لا شك فيه أن نداءات دونالد ترامب قد تجعل تعبئة
قاعدة انتخابية مصممة على دعمه أمرا ممكنا، مهما كانت نتائج أزمات الربيع والصيف
المتعلقة بالصحة والاقتصاد والمجتمع التي لا يبدو أنها في صالحه. وفي الحقيقة، إن
مظاهر القوة التي يبديها ترامب تعد بمثابة اعتراف بالضعف وعدم القدرة على مواجهة
الأمريكيين الغاضبين في وضع من الصعب السيطرة عليه على جميع الأصعدة. ويبدو أن
رئيس الفوضى يقترب من الانتخابات متخذا هذه المرة موقفا دفاعيا.