لماذا أعلن بايدن الاعتراف بإبادة الأرمن.. وماذا يترتب عليه؟
يثير إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، الاعتراف بـ”إبادة الأرمن” تساؤلات حول سببه وتوقيته، وما إذا كان يمكن أن يترتب عليه تداعيات قانونية وسياسية.
في هذا التقرير إجابات على هذه التساؤلات:
المناسبة والتوقيت
اختار بايدن اليوم السبت، موعدا لإعلان اعترافه بالخطوة المثيرة للغضب التركي، إذ يوافق اليوم 24 نيسان/ أبريل وهو التاريخ الذي اختاره الأرمن في كل عام لإحياء ذكرى ما يقولون إنها “إبادة الأرمن”.
لذلك، يأتي اختيار اليوم بالنسبة لبايدن متعمدا، ليوافق هذه الذكرى السنوية.
أما عن المناسبة، فإن بايدن تعهّد خلال حملته الانتخابية العام الماضي بالاعتراف بـ”إبادة الأرمن”.
وقال في 24 نيسان/ أبريل 2020: “علينا ألا ننسى إطلاقا، وألا نلتزم الصمت حيال حملة الإبادة المروعة والمنهجية تلك”.
وعن السبب، يزعم أنه يأتي دعما لاحترام حقوق الإنسان، وتأييدا لضحايا “الإبادة”، وفق بيان للبيت الأبيض، السبت.
التداعيات القانونية والسياسية
بالنسبة لأمريكا، أقر محللون وخبراء بأنه لن يكون لإعلان بايدن أي تأثير قانوني، لكنه لا يمكن إلا أن يؤدي إلى تفاقم التوتر مع تركيا.
في حين يمكن أن يشكّل قرار الاعتراف الأمريكي دعما لمطالبات الأرمن بالتعويض، ليرفعوا دعوات قضائية في أمريكا ضد تركيا.
لكن وقبل كل شيء، يثير القرار غضب أنقرة، التي تصر على أن عدد الأرمن الذين قتلوا مبالغ فيه بشكل كبير وأن عددا أكبر من المسلمين قتل في تلك الفترة.
من جهته، قال المحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، في تصريح إن “قرار الاعتراف لا يؤثر قانونيا البتة على تركيا، والأمم المتحدة لا تتدخل بمثل هكذا موضوع طالما أن تركيا دولة ذات سيادة ودولة قوية كما هي عليه اليوم”.
وقال: “الأحداث بالأصل جرت في العهد العثماني، وقبل تأسيس الأمم المتحدة حتى، ولا يمكن تحميل تركيا مسؤولية ما جرى بهذه الحقبة التاريخية”.
وأضاف أن العلاقات التركية الأمريكية متوترة منذ فترة طويلة، والخطوة إنما تزيد الطين بلة.
إلا أنه أوضح أن التهديد الأمريكي المستمر بالاعتراف بهذه الخطوة، كان ورقة ضغط على أنقرة طوال إدارات أمريكية سابقة، وورقة ابتزاز، ولكن بما أن بايدن فعلها أخيرا، فإن تركيا تتحرر بذلك من هذا الخوف.
وقال: “في الحقيقة واشنطن تفقد أوراق ضغطها على تركيا واحدة تلو الأخرى، من أف-35 إلى الاعتراف بالإبادة المزعومة”.
وشدد ياشا على أن العلاقات بين البلدين دخلت الآن في مسار آخر، من تدهور متزايد، ولكنه أكد أنه لا يتوقع تصعيدا وخطوات سريعة من تركيا بعد قرار بايدن.
وأشار إلى أن “هناك دولا كثيرة اعترفت بهذا الأمر قبل أمريكا، ولم يؤثر ذلك على تركيا”، مشددا على أنه “طالما أن تركيا دولة قوية فإنه لا يمكن التأثير عليها بمثل هكذا قرارات رمزية”.
ونقلت كذلك وكالة “رويترز”، عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، لم تسمه، قوله، السبت، إن اعتراف الرئيس بايدن، “يهدف إلى تكريم الضحايا، وليس توجيه اتهامات” أو “تجريم أحد”.
وسبق أن وصف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، تركيا بـ”الشريكة الاستراتيجية المفترضة” التي “لا تتصرف كحليف في العديد من الجوانب”، ما تعد مؤشرات على طريقة تفكير إدارة بايدن بشأن العلاقة مع أنقرة.
يذكر أن تركيا تؤكد عدم إمكانية إطلاق “الإبادة الجماعية” على تلك الأحداث، بل تصفها بـ”المأساة” لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدا عن الصراع السياسي وحل القضية دون النظرة الأحادية إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الآخر.