كيف أضاعت أميركا 8 رؤوس نووية؟
نشرت مجلة “ذا ناشيونال إنترست” تقريرا سلطت فيه الضوء على إضاعة الولايات المتحدة عدة أسلحة نووية منذ عام 1950، ولم يتم العثور على أي منها حتى الآن.
وأوضح التقرير، أن الحوادث النووية الموثقة، بين عامي 1950 و1980، بلغت 32 حادثا، شملت عمليات إطلاق بالخطأ، أو تفجير، أو سرقة، أو فقدان.
واستعرضت المجلة تاريخ الحوادث الصادمة لفقدان رؤوس نووية أمريكية، دون التمكن من العثور عليها حتى الآن، مشيرة إلى أن تكرار ذلك أسفر عن نشوء مصطلح “السهم المكسور” للدلالة على فقدان قنبلة من الترسانة الرهيبة، وفقا لترجمة صحيفة عربي21.
ورغم حديث المجلة عن ستة أسلحة، إلا أنها في الواقع تشير بذلك لعدد الحوادث، فيما تضمن حادثان فقدان رأسين نوويين في كل منهما، وفق ما أكدته تقارير أخرى، أحدهما وقع قرب سواحل المغرب.
وبحسب بيانات لمنظمة الحد من التسلح، اطلعت عليها “عربي21″، فإن لدى الولايات المتحدة ألفي قنبلة تمت إحالتها لـ”التقاعد” وتنتظر التفكيك، فضلا عن ثلاثة آلاف و800 قنبلة مخزنة، فيما تستخدم ألفا و373 رأسا في “الانتشار الاستراتيجي” داخل البلاد وخارجها.
ويشكل الحجم الهائل للترسانة، وقدمها وتزايد تكاليف صيانتها وحمايتها، فضلا عن تكرار الحوادث المتعلقة بها، أسبابا تثير مخاوف متزايدة، وسط تراجع أعداد الكوادر المؤهلة أو الراغبة بالعمل في القطاع النووي، سواء العسكري أو المدني.
حادث 1950 في المحيط الهادئ
أكثر من سبعة عقود مرت على أول حادث موثق لفقدان الولايات المتحدة رأسا نوويا، دون أي أمل بالعثور عليه قريبا، وفق تقرير “ذا ناشيونال إنترست“.
وضاعت القنبلة عندما كانت قاذفة قنابل من طراز “كونفير بي 36” تابعة لسلاح الجو الأمريكي تقوم بضربة نووية وهمية، وكانت في طريقها من قاعدة “إيلسون” الجوية، في ألاسكا، إلى “كارسويل” في تكساس.
لكن عطلا في محرك الطائرة العملاقة دفع طاقمها إلى إسقاط القنبلة، البالغ وزنها 30 كيلو طن، في المحيط الهادئ، بهدف حمايتها من التحطم في حال سقوط الطائرة.
وكان سلاح الجو يأمل بأن يتمكن من العثور على القنبلة سريعا، بعد ذلك، وانتشالها وتأمينها، لكنه فشل في ذلك، وفقدها إلى اليوم.
وبحسب تقرير رسمي بشأن الحادثة، فإن القنبلة لم تحتو على نواة البلوتونيوم اللازمة للتفجير النووي، لكنها احتوت على كمية كبيرة من اليورانيوم.
نواتان نوويتان قبالة المغرب عام 1956
وبعد ست سنوات فقط من الحادث الأول، فقدت نواتان نوويتان عندما تحطمت قاذفة “بي 47″ على الأرجح في البحر الأبيض المتوسط بينما كانت في طريقها من قاعدة “ماكديل” الجوية في فلوريدا إلى قاعدة “بن جرير” في المغرب.
وأكملت الطائرة بنجاح عملية إعادة التزود بالوقود الجوي الأولى، لكنها فشلت في الاتصال بناقلة لإعادة التزود بالوقود للمرة الثانية وتم الإبلاغ بعد ذلك عن فقدانها.
ولم يتم الكشف بدقة عن نوع السلاح المفقود، لكن الطائرة “بي 47″ كانت تحمل عادة قنبلة “مارك 15” النووية التي يبلغ وزنها 3400 كيلوغرام.
ولم يتم العثور على أي أثر للطائرة ولا النواتين النوويتين.
حادث 1958 في ولاية جورجيا
خلال مهمة محاكاة قتالية بالقرب من مدينة سافانا بولاية جورجيا الأمريكية، اصطدمت قاذفة من طراز “بي 47” تحمل سلاح “أم كي 15” النووي بطائرة من طراز “أف86“.
وبعد عدة محاولات للهبوط، أُعطي طاقم القاذفة الضوء الأخضر للتخلص من القنبلة لتقليل الوزن، وكذلك لضمان عدم انفجارها أثناء الهبوط الاضطراري.
لكن القنبلة التي ألقيت قرب مصب نهر سافانا لم يتم العثور عليها منذ ذلك الحين.
حادث نورث كارولاينا 1961
في مكان ما بالقرب من “غولدسبورو” بولاية نورث كارولاينا، من المحتمل أن تكون نواة يورانيوم مدفونة في أحد الحقول.
ويتعلق الأمر بفقدان نواة إحدى قنبلتين نوويتين بقوة 24 ميغا طن، كانتا على متن قاذفة من طراز “بي 52” تحطمت بعد وقت قصير من إقلاعها.
وتم العثور بسهولة على إحدى القنبلتين، لكن الأخرى تم اكتشاف ذيلها على عمق 20 قدما بحقل موحل، دون أي أثر لنواتها، حتى بعد تنفيذ عمليات حفر على عمق 400 قدم.
والأمر المقلق بشكل خاص، وفق “ذا ناشيونال إنترست”، هو أن ثلاثة من أنظمة التسليح الأربعة للقنبلة التي تم العثور عليها مع نواتها كانت مفعلة جراء التوتر الشديد مع روسيا آنذاك، وهو ما يرجح أنه ينسحب على القنبلة التي فقدت نواتها كذلك.
1965 قبالة اليابان
بطريقة ما، انزلقت طائرة هجومية من طراز “A-4E Skyhawk”، محملة بسلاح نووي حراري قوته 1 ميغا طن، على سطح حاملة الطائرات “يو أس أس تيكونديروجا”، وسقطت في المحيط الهادئ.
وبسرعة كبيرة، غرقت الطائرة، ومعها الطيار والقنبلة، لعمق 16 ألف قدم تحت السطح، ولم تتمكن البحرية من انتشالها.
ومع ذلك، لم تعترف البحرية بوقوع الحادث إلا بعد مرور 15 عاما، واكتفت بالإشارة إلى أنه حدث على بعد 500 ميل من البر.
لكن ذلك لم يكن صحيحا، فقد كانت حاملة الطائرات على بعد حوالي 80 ميلا من سلسلة جزر “ريوكي” اليابانية، وهو ما دفع طوكيو إلى منع واشنطن من إدخال أسلحة نووية إلى أراضيها.
غرق الغواصة “يو أس أس سكوربيون” عام 1968
وقع الحادث الأخير، الموثق، في وقت ما خلال النصف الأول من عام 1968، عندما تم فقدان الغواصة النووية الأمريكية “يو أس أس سكوربيون”، التي غرقت على بعد حوالي 400 ميل إلى الجنوب الغربي من جزر الأزور، بمنتصف المحيط الأطلسي.
وبالإضافة إلى خسارة أفراد الطاقم الـ99، كانت الغواصة تحمل زوجا من الأسلحة ذات الرؤوس النووية المدمرة.
وعلى مدار سنوات وعقود لاحقة، تمكنت الولايات المتحدة من التقاط صور لأجزاء مختلفة من الغواصة المحطمة، بأماكن مختلفة من قاع المحيط.
ورغم عدم إعلان الولايات المتحدة عن وقوع أية حوادث مشابهة منذ ذلك الحين، إلا أن تاريخها في “التكتم” يواصل إثارة المخاوف والجدل.