كورونا يفشل في خفض معدلات الجريمة بشيكاغو الأمريكية
رغم أن شوارع شيكاغو باتت بجزء كبير منها فارغة بسبب
تفشي فيروس كورونا المستجد، لكن أزيز الرصاص لا يزال يُسمع في بعض الأحياء الأكثر
فقرا في المدينة إذ إن الوباء لم ينجح في تطويق آفة جرائم القتل.
وفيما كان انخفاض معدل الجريمة أحد الآثار الإيجابية القليلة للوباء في أكثرية
المدن الأميركية، بقي معدل جرائم القتل شبه مستقر في هذه المدينة الكبرى بولاية
إيلينوي التي تسجل منذ زمن بعيد أكبر عدد من جرائم القتل في البلاد.
وتشير أرقام الشرطة إلى تسجيل 56 جريمة قتل في شيكاغو الشهر الماضي، أي أقل بقليل
من عدد هذه الجرائم في الفترة عينها من العام الفائت وهو 61. وفي أول نهاية أسبوع
من شهر أيار/مايو، قتل أربعة أشخاص وجرح 46 آخرون.
وعلى سبيل المقارنة، سجلت نيويورك التي يزيد عدد سكانها ثلاث مرات عن شيكاغو، 31
جريمة قتل في نيسان/أبريل. وسجلت لوس أنجليس، ثاني كبرى المدن الأميركية، 18 جريمة
قتل خلال أربعة أسابيع منذ نهاية آذار/مارس.
وفي شيكاغو، أصيب 21 من الضحايا في نهاية الأسبوع بالرصاص خلال فترة سبع ساعات ليل
السبت الأحد، بينهم خمسة مراهقين جرحوا بنيران أطلقت من سيارة فيما كانوا في سهرة
في غرب المدينة. وقد حصل إطلاق النار هذا بعد بضع ساعات من وقف الشرطة حفلة أخرى
في الحي نفسه.
ويمثل غرب شيكاغو أكثر مناطق المدينة تضررا بهذه الآفة، وقد نزل مئات الأشخاص إلى
الشوارع السبت الفائت متحدين أوامر الحجر المنزلي.
وكانت رئيسة البلدية لوري لايتفوت حذرت السكان الذين قد
يرغبون في السهر في الأماكن العامة، قائلة خلال مؤتمر صحافي السبت: “الأمر
ليس لعبة”. وأضافت: “سنوقفكم ونقتادكم إلى خلف القضبان إذا ما لزم الأمر”.
غير أن هذه التصريحات العالية النبرة لم تحل دون تجمع
كثيرين في الشوارع حيث رقصوا على وقع الموسيقى الصاخبة من دون أي تدابير وقائية
خصوصا التباعد الاجتماعي أو ارتداء الكمامات.
تمييز
وقد انتشرت تسجيلات مصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي
تظهر جموعا يحتسون الكحول ويرقصون على السيارات. ورغم أن الشرطة فرقت التجمعات، لم
يوجَّه أي اتهام في الموضوع.
وأكدت سلطات المدينة لوكالة فرانس برس أنها لا تريد
“التكهن لمعرفة ما إذا كان الضحايا أو المجرمون (مطلقو النار) قد احترموا أم
لا أوامر الحجر المنزلي”.
غير أن مايكل فليجر وهو كاهن ناشط يعمل في شيكاغو منذ
أكثر من ثلاثة عقود أشار إلى أن هيبة القانون محدودة للغاية في هذه الأجزاء من
المدينة حيث السكان بغالبيتهم من السود.
ولفت إلى أن “مستوى التمييز (بين السكان) في شيكاغو
أعلى بكثير مما هو في نيويورك أو لوس أنجليس. التمييز هنا مريع (…) أظن أن تجاهل
هذه المجتمعات لعقود لم يكن عاملا مساعدا”.
وأشار إلى أن أي أحد يحضر لارتكاب جريمة قتل لن يكترث
بأوامر ملازمة المنازل.
وقد وقعت أكثرية عمليات إطلاق النار في الخارج مع مخالفة
صريحة لأوامر الحجر من المنفذين والضحايا على السواء، وفق الباحث في مركز البحوث
بشأن الجريمة في جامعة شيكاغو ماكس كابوستين. لكنه قال: “لا نعلم ما إذا كان
أمر آخر غير كوفيد-19 يفاقم المشكلة”.
وأوضح مايكل فليجر أن الوباء فاقم كل المشكلات
الاجتماعية ما ساهم في زيادة أعمال العنف بالأسلحة النارية. وهو يخشى أن يجري
تجاهل الهوة الاجتماعية والعرقية في الولايات المتحدة فور التغلب على الفيروس.
وقال: “أغضب جدا عندما أسمع من يقول أريد فقط أن نعود إلى الوضع الطبيعي.
الوضع الطبيعي كان مريعا وظالما. علينا إيجاد وضع جديد عندما ينتهي هذا كله”.