فضائح بيع بيانات المستخدمين من كبرى الشركات.. ”إذا كانت الخدمة مجانية فتأكد أنك السلعة“!

هل تساءلت يومًا عن مصدر ربح الشركات الكبرى التي تقدم خدماتها عبر الإنترنت بشكل مجاني؟ يعد هذا السؤال أحد أكثر الأسئلة شيوعًا بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من التطبيقات التي تقدم خدمات مجانيةً. ربما يكمن السر هنا في الحركة الدعائية عبر الإنترنت، وقد أصبحت على سبيل المثال مصدر دخل أساسي للعديد من صانعي المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو.
بيع بيانات المستخدمين هو مصدر الدخل الأساسي لكبرى الشركات
تعتبر الدعاية مصدر الدخل الرئيسي لأغلب الخدمات المجانية المتاحة حاليًا. وبالتالي، يسعى مقدمو الخدمات المجانية دائمًا إلى تطوير منظومة الدعاية لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، إذ بدأت الشركات الدعائية الكبرى في استغلال البيانات الخاصة بالمستخدمين لتحسين المنظومة الدعائية بما يتناسب مع كل مستخدم.
ولهذا، أصبحت البيانات الخاصة بالمستخدمين ذات قيمة كبيرة للشركات الدعائية، لدرجة جعلتها تسعى إلى الحصول عليها من مقدمي هذه الخدمات المجانية بغرض استغلالها في تخصيص الإعلانات لكل فئة من المستخدمين. ومع تطور هذه الصناعة، أصبحت هذه الخدمات المجانية عبارة عن منصات غير أخلاقية أشبه بالمنصات الجاسوسية المتخصصة في مراقبة أدق التفاصيل الخاصة بكل مستخدم؛ حتى تتمكن من تقديم كمية كبيرة من بيانات المستخدمين إلى شركات الدعاية لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح.
وتأتي وسائل التواصل الاجتماعي على رأس هذه الخدمات المجانية التي تعمل على “تسليع مستخدميها”، إذ تطلع هذه المنصات على كمية كبيرة من البيانات الشخصية للمستخدمين دون توفير الحماية اللازمة لهذه البيانات الخاصة.
فضائح بيع بيانات المستخدمين
في الآونة الأخيرة، كُشف عن بعض الفضائح التي تخص كبرى شركات التواصل الاجتماعي بخصوص بيع بيانات المستخدمين. وكانت شركة جوجل على رأس الشركات التي جمعت كميةً كبيرةً من المعلومات الدقيقة للمستخدمين.
وبعد الكشف عن هذه الفضائح علنًا، فمن الواضح أن جميع الخدمات المجانية الأخرى التي تطلع على بياناتنا الخاصة تعمل على استغلالها؛ لتطوير منظومة الدعاية التي تحقق لها كميات كبيرةً جدًا من الأرباح قد تتخطى الأرباح التي كان من الممكن أن تتحصل عليها هذه الشركات في حال تقديم خدماتها بشكل مدفوع. ولم يقتصر الأمر على تحقيق الأرباح المالية فحسب، بل تجاوزته إلى استغلال البيانات الخاصة بالمستخدمين للتلاعب بآراء الناخبين لصالح بعض التكتلات السياسية في العملية الانتخابية، كما كُشف في «فضيحة بيع بيانات فيسبوك –كامبريدج أناليتيكا».
تأتي شركة فيسبوك على رأس الشركات التي كانت تعتمد على تسليع مستخدميها مقابل تقديم خدماتها المجانية؛ إذ لم توفر الشركة الحماية الكافية لبيانات المستخدمين الحساسة، وكُشف عن ذلك في فضيحة بيانات فيسبوك-كامبريدج أناليتيكا التي ذكرناها سابقًا، حيث كُشف عن تفاصيل هذه الفضيحة رسميًا في أوائل عام 2018، إذ أُعلِن أن شركة كامبريدج أناليتيكا لتكنولوجيا المعلومات قد تحصلت على بيانات شخصية خاصة بملايين المستخدمين على شبكة فيسبوك بغرض استغلالها في الدعاية السياسية.
كان هاري دافيس، الصحفي بجريدة الغارديان، أول من أبلغ عن استغلال شركة كامبريدج أناليتيكا للبيانات الشخصية الخاصة بآلاف المستخدمين على شبكة فيسبوك، ولكنه لم يتمكن من إثبات ادعاءاته مقابل إنكار شركة فيسبوك لها ووصفها بالشائعات.
وفي مارس 2018، حصلت صحيفة نيويورك تايمز على مجموعة من الوثائق الرسمية التي تدين ستيفن بانون، عضو مجلس إدارة شركة كامبريدج أناليتيكا وأحد مؤيدي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وتثبت بأنه قد حصل على بيانات شخصية تخص عشرات الملايين من مستخدمي شبكة فيسبوك بشكل غير قانوني ليستغلها في إنشاء ملفات تعريفية لناخبين مؤيدين لمرشح معين بهدف التأثير على الجمهور من خلالها ليغيروا رأيهم خلال العملية الانتخابية.
يُذكر أيضًا أنه في عام 2014، ادعت التايمز، طبقًا لأحد التقارير الصحفية اشتراك مجموعة من موظفي شركة كامبريدج أناليتيكا في مزاد مخصص لبيع ملفات شخصية تخص الناخبين الأمريكيين إلى الحملات الانتخابية، وأشار التقرير إلى حصول هؤلاء الموظفين على بيانات شخصية خاصة بملايين المستخدمين على شبكة فيسبوك بشكل غير قانوني.
وفي عام 2021، وبعد ملايين الدولارات التي تكبدتها شركة فيسبوك كغرامات مالية بسبب فضيحة كامبريدج أناليتيكا، وقعت سرقة كبرى لبيانات 500 مليون مستخدم على شركة مارك زوكيربيرج في أبريل 2021. تضمنت البيانات المسروقة أسماءً كاملةً للمستخدمين بجانب تواريخ ميلادهم وأرقام هواتفهم وعناوين بريدهم الإلكتروني. وبعد ذلك، نشر المخترقون هذه البيانات عبر الإنترنت وأتاحوا استخدامها بشكل مجاني.
أدى هذا الحادث إلى فقدان المستخدمين ثقتهم في شركة فيسبوك، خاصةً بعد تعهدها بحماية بيانات مستخدميها عقب أزمة كامبريدج أناليتيكا، إذ تبين للمستخدم أن فيسبوك لا تهتم بحماية البيانات الشخصية كما يجب، بل قد تكون متواطئةً أيضًا بشكل أو بآخر في استغلال هذه البيانات، ما دفع زوكيربيرج إلى الهرب إلى الميتافيرس وتغيير اسم شركته إلى “Meta” لغسل سمعتها!