جدل بمصر بسبب توفير لقاح كورونا بمقابل مادي وليس بالمجان
أثارت تصريحات وزيرة الصحة المصرية بتوفير لقاحات فيروس كورونا بمقابل مادي للمواطنين، وبالمجان للطواقم الطبية وللفئات غير القادرة فقط، استغراب وانتقاد الكثيرين، سواء على مستوى المواطنين أو السياسيين والمتخصصين.
وكشفت هالة زايد، في تصريحات متلفزة، أن تكلفة اللقاح ستكون بمقابل مادي يتراوح بين 100 جنيه للجرعة الواحدة و200 جنيه للجرعتين، مشيرة إلى أن الفئات الأولى هم الأطقم الطبية وكبار السن، ولن يسمح لمن هم دون 18 سنة بتلقي اللقاح.
واعتمدت وزارة الصحة المصرية 3 لقاحات؛ وهي سينوفارم الصيني، سبوتنيك الروسي، وأسترازينيكا البريطاني، وكلها في مراحل التسجيل، لم يصل منها غير الصيني فقط.
وأعلنت وزيرة الصحة، الأحد، بدء حملة التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد من أحد مستشفيات العزل بمحافظة الإسماعيلية، كأول دولة أفريقية تحصل على اللقاح، حيث تلقى طبيب وأحد الممرضين أول جرعتين من لقاح شركة “سينوفارم” الصينية.
واستهجن سياسيون وأطباء، في تصريحات عدم توفير اللقاح بالمجان لجميع المواطنين أسوة بجميع دول العالم.
يذكر أنه في أيار/ مايو الماضي، قررت الحكومة المصرية خصم 1 بالمئة من أجور موظفي الدولة بمختلف القطاعات، و0.5 بالمئة من أجور المتقاعدين، كمساهمة تكافلية لمواجهة بعض التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا.
حماية الفرد والمجتمع
انتقد عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، رشوان شعبان، عدم إتاحة التطعيم بالمجان لكل المصرين، قائلا: “اللقاح يجب أن يكون متاحا للجميع، لأنه ليس امتيازا، لم نسمع عن بلد في العالم يقوم ببيع اللقاح لمواطنيه؛ لأنه واجب على الحكومة لحماية المجتمع والدولة”.
وأضاف : “على الدولة تشجيع الناس وحثهم على أخذ اللقاح؛ لأن هناك من لن يتجاوب مع الحملة حتى لو كانت بالمجان، فما بالنا لو كانت بمقابل مادي”، مطالبا “بالعمل على حملات التوعية من الآن؛ لأن العالم يمر بجائحة خطيرة”.
ووصف نهج وزارة الصحة في توفير اللقاح للكوادر الطبية بـ”البطيء، ولا يتماشى مع الحالة الطارئة التي تمر بها البلاد”.
حق المواطن في اللقاح
طالب الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة (غير حكومية)، الدولة “بتوفير اللقاح بالمجان لجميع المواطنين لعدة أسباب؛ أن هذه السياسة ستؤدي إلى حرمان شريحة كبيرة، ثانيا، هذا وباء أصاب البلد كلها، ما يعني أن المجتمع كله في خطر”.
وقال في حديث : “نحن في بلد يفتخر رئيس الوزراء فيها بأن نسبة الفقر 30 بالمئة، فالحديث عن القادر وغير القادر لا محل له من الإعراب هنا، وسيكون ذلك إن حدث أول خطوة في الخصخصة والتمييز، وهو حق أصيل للمواطنين والحكومة ملزمة بتوفيره على نفقته”.
وبشأن خطتهم في التواصل مع الصحة أو البرلمان في هذا الصدد، قال خليل: “نحن لجنة أهلية مستقلة، وأدواتنا كانت من خلال النوافذ الإعلامية المتاحة التي بدأت تضيق شيئا فشيئا، خاصة بعد أن أصبحت وسائل الإعلام في يد جهة واحدة، لكنّ آراءنا موجودة وليست بعيدة عن الحكومة، وتملك أن تتجاهلها أو تأخذ بها”.
“إجباري مجاني”
استنكر رئيس لجنة الصحة بمجلس الشورى السابق، عبد الغفار صالحين، تحصيل أموال من المواطنين مقابل الحصول على لقاح فيروس كورونا، وقال: “إذا صح هذا الحديث الصادر عن وزير الصحة، فهو أمر غير مقبول، ولا يحدث في أي دولة بها جائحة تدمر ثروتها البشرية والإنتاجية وتدمر اقتصادها”.
وأكد في حديثه : “اللقاح هو حق دستوري، ومن قبله حق إنساني، ومثل هذه الحكومات يجب حجرها”، مشيرا إلى أن “التطعيم هو لمصلحة المجموع وللصالح العام؛ بعض التطعيمات، خاصة التطعيم ضد الجوائح والأوبئة، يكون إجباريا لا اختياريا، وبالطبع على نفقة الدولة”.
وقدرت الحكومة المصرية حجم حاجتها لتمويل شراء اللقاحات الكافية بنحو 20 مليار جنيه، حيث قال وزير المالية، محمد معيط، إن تكلفة اللقاح تصل إلى 20 مليار جنيه لتوفير جرعات مناسبة لـ100 مليون مصري (الدولار يساوي 15.75 جنيه).
ومطلع الشهر الجاري، أطلق صندوق “تحيا مصر” حملة لجمع التبرعات لتوفير لقاحات كورونا لتطعيم المواطنين غير القادرين والفئات المستحقة، التي قالت الحكومة المصرية إنها سوف تتكفل بتطعيمهم، ولكن يبدو أنه من خلال هذا الصندوق.