تل أبيب تُواصِل مهاجمة الأردن: لا قيمةً لتهديدات العاهِل الأردنيّ لأنّه لا يملك أوراقًا لتنفيذها وسوريّة ودول الخليج رفضته وهو غاضبٌ جدًا على نتنياهو وأوهن حتى من تعليق اتفاق السلام
19 مايو، 2020
في الفترة الأخيرة، وعلى وقع
تزايد الأنباء عن نية الحكومة الإسرائيليّة الجديدة ضمّ غور الأردن ومُستوطناتٍ
إسرائيليّةٍ في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، عاد إلى الواجهة الـ”جلّ” الذي آمن فيه
رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق، المُجرِم أرئيل شارون، والقاضي بطرد الفلسطينيين
أوْ ما تبقّى منهم إلى الأردن لإقامة دولتهم هناك، وكان رئيس الوزراء الإسرائيليّ
ووزير الأمن سابِقًا، إيهود باراك، كشف النقاب في مقابلةٍ مُطولّةٍ مع صحيفة
(معاريف) العبريّة الأسبوع قبل الماضي، عن الخطّة التي كان قد أعدّها شارون، في
العام 1982 خلال الاجتياح الإسرائيليّ للبنان واحتلال العاصمة بيروت، مؤكّدًا أنّ
إدعاءات الوزراء في الحكومة آنذاك بأنّ شارون قام بخداعهم هي إدعاءات عارية عن
الصحّة، ولا تمُت للواقع بصلةٍ، مشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ شارون كان حكيمًا
وعرض الخطط على الوزراء، الذي لم يفهموا عليه، أوْ اختاروا عدم فهم الأمور
والقضايا التي طرحها أمامهم، كما قال باراك.
وأردف إنّ وزير الأمن آنذاك شارون كانت خطّةً ولكنّها
كانت بمثابة حلمٍ إستراتيجيٍّ مُتعدّد الطبقات ويستحيل تحقيقه، كما أنّ صُنّاع القرار
في تل أبيب لم يُناقِشوا “حلم شارون”، وتابع قائلاً: فكرة شارون كانت تعتمِد على
استغلال الإرهاب الفلسطينيّ للانقضاض عليهم في جنوب لبنان، وتحويل هذا الهجوم إلى
رافعةٍ للتوافق والتحالف مع المسيحيين في لبنان وتنصيب عائلة الجميّل وطرد منظمة
التحرير الفلسطينيّة من لبنان بشكلٍ نهائيٍّ، مُشيرًا في ذات الوقت إلى أنّ فرضية
العمل لدى شارون كانت أنّ الفلسطينيين سيقومون بالفرار من لبنان إلى الأردن، وهناك
يقوموا بثورةٍ على نظام الحكم ويُسيطِروا على المملكة الهاشميّة، وبذلك تتحّقق
رؤيته القاضية بأنْ تكون الأردن الوطن البديل للفلسطينيين، وبهذا يصِل شارون إلى
حلّ القضية الفلسطينيّة، ليس على حساب إسرائيل، ولكنّ على حساب الفلسطينيين، شدّدّ
باراك، ولكنّهم، أيْ الفلسطينيين، كانوا قد فهموا درس (أيلول الأسود) في العام
1970 ورفضوا العودة إلى الأردن، الأمر الذي أدّى لفشل مخطط شارون الإستراتيجيّ،
كما قال.
المُحلِّلون والخبراء والمُستشرِقون في إسرائيل أجمعوا
على أنّ تهديدات العاهل الأردنيّ فارغة ومُعدّة للاستهلاك الداخليّ لإسكات الشارع
في المملكة الذي يُعاني من حالةٍ من الغليان ضدّ إسرائيل، ولكن في المُقابِل استخف
هؤلاء الخبراء بتهديد الملك عبد الله الثاني، وقالوا في وسائل الإعلام العبريّة
إنّه لا يملك الأوراق التي تجعله التي تُمكِّنه من إخراج تهديداته إلى العلن، إذْ
أنّ محاولته للتقرّب من سوريّة، فشلت فشلاً مُدوّيًا، كما أنّ مساعيه الحثيثة
لتحسين علاقة المملكة مع دولٍ خليجيّةٍ بهدف تلقّي المُساعدات لم تثمِر بالمرّة،
كما أكّدوا، لافِتين إلى أنّ الوضع الاقتصاديّ في الأردن بات صعبًا ومُحرِجًا
للغاية، وأنّ المملكة بحاجةٍ لمُساعداتٍ ماليّةٍ، قد تصِل من السعوديّة لاحِقًا،
لأنّ الدعم الأمريكيّ السنويّ لا يكفي لإدارة المملكة، قالت المصادر في تل أبيب.
وقالت مُحلِّلة شؤون الشرق الأوسط في صحيفة (يديعوت
أحرونوت) في مُقابلةٍ مع قناة (كان) الإسرائيليّة، شبه الرسميّة، سمدار بيري، قالت
إنّ الملك عبد الله الثاني غاضِب بشكلٍ كبيرٍ على رئيس الوزراء نتنياهو، لافِتةً
في الوقت عينه إلى أنّه، بحسب المصادر الأردنيّة الرفيعة التي تحدثت إليها، لن
يجرؤ لا على إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل أوْ حتى تعليقه، لعدم وجود بدائل أخرى،
وأضافت، وفق المصادر عينها، أنّه بصدد توجيه دعوةٍ إلى كلٍّ من وزير الأمن
الإسرائيليّ الجديد، بيني غانتس، ووزير الخارجيّة غابي أشكنازي، ولكنّه لن يُوجّه
دعوةً لنتنياهو، وسيُحاوِل أنْ يشرح للوزيرين الإسرائيليين من حزب (أزرق-أبيض)
خطورة خطوة الضمّ، كما قالت بيري، استنادًا إلى المصادر الأردنيّة، التي وصفتها
بالرفيعة جدًا.
من ناحيته، رأى عاموس هرئيل أنّ تصريحات الملك الأردني
التي مفادها أنّ بلاده “تدرس كلّ الاحتمالات” للردّ في حال أقدمت إسرائيل على ضمّ
أجزاءٍ من الضفّة الغربيّة، تعكس مستوى القلق في عمّان في ضوء الخطوات التي يدرسها
نتنياهو.
جديرُ بالذكر أنّ رئيس الموساد (الاستخبارات الخارجيّة)
الأسبق، إفراييم هليفي، قال مؤخرًا إننّي أرى خطرًا كبيرًا على اتفاق السلام مع
الأردن، ولا أتهِّم المملكة بذلك، بل أُوجِّه أصابع الاتهام لإسرائيل، وأضاف
الرجل، الذي قاد المحادثات والمفاوضات السريّة مع الأردنيين، والتي أدّت لتوقيع
اتفاق السلام (وادي عربة) عام 1994، أضاف أنّه في السنوات الأخيرة ابتعدت الحكومات
الإسرائيليّة على اختلافها عن المملكة الهاشميّة، بالإضافة إلى احتقار الأردن
والتقليل من مكانته والاستخفاف به، وذلك في نفس الوقت الذي تحوّل وضع المملكة
الجيو-سياسيّ إلى سيءٍ للغاية، على حدّ قوله.