تحت ضغط البيت الأبيض: تأجيل محاكمة نتنياهو لأسبوع بعد تحذير ترامب من محاكمته

أفادت مصادر مطلعة بأن السلطات القضائية الإسرائيلية قررت تأجيل جلسة محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمدة أسبوع، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها جاءت استجابة غير مباشرة لضغوط من الإدارة الأميركية.

ويأتي هذا التأجيل في أعقاب تصريحات مثيرة أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عبّر فيها عن قلقه من تأثير محاكمة نتنياهو على جهود الوساطة الجارية بشأن صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، وعلى مفاوضات التهدئة غير المعلنة في قطاع غزة.

وبينما تلتزم المحكمة الصمت، يرى معلقون أن هذا التأجيل يعكس حجم التداخل بين القضاء والسياسة في إسرائيل، في لحظة تُختبر فيها مصداقية استقلال المؤسسة القضائية أمام ملف يهدد مصير رئيس الحكومة ومستقبل التحالف الحاكم.

وفي تصريح صادم في وقت سابق حمل أبعادًا سياسية وقضائية معقّدة، وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقادًا علنيًا لمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبرًا أن استمرارها في هذا التوقيت الحرج يهدد جهود المفاوضات الجارية بشأن غزة، ويضرّ بالمصالح الأمنية الأميركية العليا في المنطقة.

 ليس مجرد تصريح… بل تحوّل في العقيدة السياسية

لم يكن تصريح ترامب انفعالًا انتخابيًا عابرًا، بل رسالة مدروسة إلى المؤسسة الإسرائيلية بأكملها، وعلى رأسها الجهاز القضائي، بأن البيت الأبيض لم يعد يتعامل مع الملفات الإسرائيلية بمعزل عن المصالح الأميركية المباشرة. إدارة ترامب، التي عادت إلى الحكم بخطاب واضح في أولويات الشرق الأوسط، لا ترى في محاكمة نتنياهو مسألة داخلية، بل عامل تهديد استراتيجي قد ينسف مسارات التهدئة، ويُربك ترتيبات إقليمية حساسة تشمل غزة، والملف النووي الإيراني، والانفتاح على بعض القوى العربية.

 القضاء الإسرائيلي: بين الاستقلال الدستوري ومرمى النيران السياسية

أثارت تصريحات ترامب تساؤلات واسعة حول مدى قدرة القضاء الإسرائيلي على البقاء كـ”مؤسسة محصّنة” أمام الضغوط الدولية والمحلية، خصوصًا وهو يخوض أطول محاكمة لرئيس وزراء في تاريخ البلاد.

رغم أن القضاء الإسرائيلي يُعرّف دستوريًا كمؤسسة مستقلة، فإن التشكيك الأميركي – غير المباشر – يطرح إشارات خطيرة:

هل باتت استقلاليته مهددة إذا تسببت قراراته في تعطيل أجندات الأمن القومي لحليف مركزي كواشنطن؟

وهل يستطيع هذا القضاء أن يصمد أمام موجات التشكيك التي تأتي من الخارج بعد أن أنهكته معارك الداخل، خصوصًا مع حكومة اليمين المتطرف التي حاولت تقليص صلاحياته سابقًا؟

المفارقة أن المؤسسة القضائية نفسها كانت منذ أشهر تُقدَّم في الإعلام الإسرائيلي والغربي كـ”خط الدفاع الأخير” عن الديمقراطية، في وجه محاولات تقويضها من قبل حكومة نتنياهو. واليوم، تُوضع في مواجهة مباشرة مع ضغوط أميركية تطالب فعليًا بتجميد إجراءاتها، أو إعادة النظر في توقيتاتها، خشية من انعكاساتها الأمنية والسياسية.

 تحالف يتغيّر… ورسائل تتجاوز حدود تل أبيب

من الواضح أن العلاقة بين واشنطن وتل أبيب تمرّ بمنعطف حاد، تتراجع فيه الاعتبارات الأيديولوجية أمام الحسابات الباردة.

فترامب، الذي لطالما وُصف بأنه “أقرب رئيس أميركي إلى إسرائيل”، بات اليوم يُلوّح بتقاطع المصالح، بل وبإعادة النظر في ثوابت العلاقة، إذا ما استمر النظام الإسرائيلي – القضائي والتنفيذي – في إنتاج أزمة تمسّ واشنطن مباشرة.

بهذا المعنى، فإن البيت الأبيض لا يُرسل رسائل إلى نتنياهو فقط، بل إلى المؤسسة الأمنية والقضائية والسياسية مجتمعة: استقرار إسرائيل لم يعد شأنًا داخليًا… بل مسؤولية جماعية يُحاسب عليها الجميع.