بوليتكو: هل تقود فلسفة “أمريكا أولا” لصراع على لقاح كورونا
نشرت مجلة “بوليتكو” تقريرا حذرت فيه من أن فلسفة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تقوم على “أمريكا أولا” قد تقود إلى صراع على إنتاج لقاح لفيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”.
وأشارت المجلة في تقريرها، إلى أن أمريكا رفضت المشاركة بمؤتمر عالمي دعت إليه
منظمة الصحة العالمية لمناقشة التزامها بتوزيع لقاح يطور في المستقبل ضد فيروس
كورونا.
وعقد التحاد الأوروبي مؤتمرا يوم الاثنين (الماضي) لمناقشة تعهدات دعم الأبحاث المتعلقة باللقاحات والأدوية، ولم تحضر أمريكا أيضا.
وقد أثار عدم اهتمام إدارة ترامب بالتعاون من أجل الصحة العالمية، بحسب المجلة، قلق الدبلوماسيين الذين يحاولون البحث عن طرق توقف الوباء الذي قتل أكثر من 240 ألف شخصا، وازدادت الأمور سوءا في ظل المشاجرات التي يقوم بها ترامب وأعضاء إدارته مع الصين ومنظمة الصحة العالمية حول مصدر الفيروس.
ويعتبر التقرير أن نظرة ترامب للشؤون الدولية انطلاقا من “أمريكا أولا” تعكس “تدافعا متخلفا قد يؤدي إلى وفيات ليست ضرورية” جراء تقديم البعد الاقتصادي على الإنساني الدولي.
وتنقل المجلة عن “ميلندا غيتس”، التي تقوم مع زوجها الملياردير “بيل غيتس” عبر مؤسسة خيرية بدعم أبحاث الصحة، قولها إن “أسوأ وضع هو عندما تكون هذه الأشياء متوفرة وتذهب لمن يقدم أعلى العطاءات، وسيكون هذا سيئا للعالم” مضيفة أن “كوفيد-19 في أي مكان هو المرض ذاته، ولهذا السبب يجب أن يكون هناك تعاون دولي”.
ويقدم الصراع العالمي على توفير الأقنعة الطبية والملابس الواقية وأجهزة التنفس مثالا مخيفا، بحسب المجلة، فيما سيتسبب صراع مشابه للحصول على اللقاح لإطالة أمد الأزمة، بحيث ينتشر الفيروس تاركا خلفه آثار مدمرة في كل بلد.
وهناك مخاطر أخرى، بحسب المجلة، مثل اكتشاف الصين اللقاح وأن تقرر الحد من توفيره للأسواق الأمريكية.
ويرى “ستيفن موريسون”، الذي يدير برنامج الصحة العالمية في معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية: “ربما فكرت وبالنظر إلى الوراء هو أن تكون أمريكا هي القوة المحركة والعنصر القيادي الذي يدفع باتجاه الشفافية والتخطيط المبكر” لتطوير اللقاح و”لا أعتقد أن هذا يصح بالنسبة للإدارة الحالية”.
وقال دبلوماسي أوروبي إنه لا يزال يأمل وزملاؤه بقيادة الولايات المتحدة جهود توفير اللقاح على مستوى العالم “ولكننا متشككون قليلا في هذه اللحظة.. لأننا لا نرى الموقف المستعد الذي رأيناه في الماضي”.
وأثار تقرير صحفي المخاوف حيث قال إن إدارة ترامب حاولت الحصول على الحقوق الحصرية للقاح تقوم بتطويره الشركة الألمانية “كيورفاك”. وينفي ترامب والمسؤولون الأمريكيون والشركة التقرير الذي ظهر في منتصف آذار/مارس، إلا أن مسؤولين ألمان أكدوا الخبر وشجبوه. وتدفع الولايات المتحدة باتجاه انتاج لقاح وتوفير حقن لكافة الأمريكيين بنهاية هذا العام.
وقال موقع “بلومبيرغ” إن تلك الجهود يطلق عليها “عملية الالتواء
السريع” والتي تقوم على ضغط الجهود العلمية بناء على جدول زمني أقصر تسمح
بإنتاج اللقاح.
وأكد ترامب يوم الخميس أنه يشرف على العملية بدون أن يقدم وعودا. وحذر المسؤولون الصحيون من الحديث المتعجل عن لقاح قريب، فلقاح مقبول وناجح يحتاج من عام إلى عام ونصف. وتتسابق الشركات في الولايات المتحدة والصين وأوروبا على تطوير عقار وبدأ بعضها تجريب بعض اللقاحات.
ويتحدث بعض الدبلوماسيين بحذر أنه مع تطوير العقار ربما يكون ترامب قد خرج من البيت الأبيض وتم التخلي عن رؤيته “أمريكا أولا”.
وقال دبلوماسي آسيوي: “لديك انتخابات في ستة أشهر ولا تعرف” ماذا سيحدث.
وهناك جانب يعقد مسألة السباق على اللقاح هي أن البنية الصحية العالمية ليست تحت سلطة دولة أو حكومة، بل مزيج من المؤسسات الحكومية والشركات والمنظمات غير الحكومية، ولا توجد معاهدة دولية ملزمة تحدد كيفية انتاج اللقاح وتوزيعه. وفي الوقت الذي ظلت فيه منظمة الصحة العالمية المنبر للتنسيق إلا أن صلاحياتها محدودة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالشركات الخاصة ذات الدوافع الربحية.
ووجه ترامب ضربة قوية للمنظمة عندما أوقف التمويل الأمريكي لها واتهمهما بالتعاون مع الصين للتستر على الفيروس. ويقول المدافعون عن المنظمة إن ترامب يحاول حرف الانتباه عن عيوبه وتقليله من شأن الفيروس بالبداية.
ويرى التقرير أن أمريكا لا تعد هي العقبة الوحيدة للتعاون الدولي، فقد عبرت الصين عن اهتمامها بالشراكة لتطوير عقار ضد المرض، لكن غياب الدول الكبرى من اجتماع 24 نيسان/إبريل الذي دعت إليه منظمة الصحة العالمية مخيبا للدول الأوروبية التي تريد تعاونا.
وقال الرئيس الفرنسي إنه يأمل بتعاون أمريكي- صيني في هذه المبادرة، ويقول المسؤولون الذي شاركوا بالتحضير للمناسبة السابقة واجتماع يوم الاثنين إن غياب الحكومة الأمريكي لا يعني عدم وجود شركات ومؤسسات تعمل من أمريكا.
وقالت رئيسة المفوضية الاوروبية أورسلا فاندر لين: “بصمات أمريكا القوية موجودة في كل البناء”، وأضافت في مقابلة مع فرانس24: “لدينا الكثير من العلماء الأمريكيين والمحسنين الذي يعملون ضد الإطار الدولي الذي قمنا بإنشائه. وتعرف حكومة الولايات المتحدة بهذا وآمل أن يعيدوا النظر في بموقفهم ويشاركوا”.
وقدم متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية حول المشاركة الأمريكية إجابة غامضة هاجم فيها منظمة الصحة العالمية، بالقول: “يبذل العلماء الأمريكيون البارزون جهدا كبيرا على تطوير لقاح كوفيد-19 ونرحب بكل مقترح جاد في هذه العملية ونتطلع لمعرفة مقترح منظمة الصحة العالمية. ولا نزال نشعر بالقلق من فعالية المنظمة في ظل فشلها الذي أسهم بتغذية الوباء الحالي”.
وكانت الولايات في الماضي هي التي تقود جهود تطوير اللقاحات ومحاربة الأوبئة مثل الجدي وشلل الأطفال والحصبة. وعادة ما تتحمل كلفة الجهود، كما كانت تقوم بتوفير اللقاحات للأطفال لمنع إصابتهم بها.
إلا أن الأزمات الصحية الأخيرة كشفت عن ضعف النظام القائم على حسن النية ومنفعة الناس بدلا من مجموعة ممن القوانين الدولية، فعندما ظهر مرض “أتش1 أن “1 قامت الدول الثرية بشراء كل العقارات المصنعة مما أغضب الدول الفقيرة، ونجحت منظمة الصحة العالمية بتوفير التمويل لبعض الدول لكنه كان محدودا حسب بيانات المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا البيولوجية.
وأزمة كوفيد- 19 هي الأخطر، لأن الفيروس اجتاح 180 دولة ولم تنجح الجهود الدولية للتعاون سواء على مستوى جي20 أو جي7 أو الأمم المتحدة، وسط تبادل اتهامات بين واشنطن وبكين.
ويحاول قادة الصحة العالمية منع الأساليب القومية التي قد تؤثر على توفر عقاب يطور ضد كوفيد-19 ويقولون إن التوزيع العالمي له مع منح الأولوية للدول التي تعاني منه أكثر قد يؤدي لنتائج أفضل.
ودعت ميلندا غيتس لمنح عمال الصحة الأولوية للحقن لأنهم في مقدمة العاملين الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، ومدحت حس التعاون والتنسيق الذي أبداه قادة أوروبا.
ويخشى قادة الأمن القومي الأمريكيين من منظور تقوم فيه الصين بتطوير لقاح ضد الفيروس وعبروا عن قلقهم من تردد أمريكا في قيادة الجهود العالمية بشكل قد يساعد اقتصاد الصين ودعايتها. وقال مسؤول أمريكي “الصين متقدمة” بالفعل في جهود توفير اللقاح، مضيفا أن الصينيين لديهم سجل في سرقة أبحاث الآخرين ولكنهم قد يقدموه كمحسنين حتى لا ينظر إليهم كمنبوذين.
وقال آخر: “يعرفون أن من يتوصل للقاح الآن سيحكم العالم”. وبعيدا عن الانتصار الدعائي الذي يمكن للصين تحقيقه فهناك العامل الإقتصادي الذي يفيدها حالة استمرار التراجع الأمريكي.