بلومبيرغ: لهذه الأسباب سمح بوتين لإعلامه بمهاجمة الأسد
نشرت وكالة “بلومبيرغ” مقالا تحت
عنوان”بوتين يعاني من صداع سوريا والكرملين يلوم الأسد”، قالت فيه إن
صبر بوتين من الأسد بدأ بالنفاد.
وجاء فيه إن الأسد لا يظهر امتنانا كبيرا لإنقاذه من الحرب الأهلية، وليس بالطريقة
التي يريدها قادة الكرملين. فبوتين الذي يواجه معضلة مزدوجة في الداخل من ناحية
صدمة انهيار أسعار النفط ومواجهة فيروس كورونا، ويريد لململة المغامرة العسكرية في
سوريا واعلان النصر،
ولهذا يطالب بوتين الأسد بمرونة في المحادثات مع المعارضة للتوصل لتسوية سياسية
تنهي حربا أهلية طويلة، وذلك حسب أشخاص على اطلاع بالمداولات داخل الكرملين.
وأدى رفض الأسد التنازل للمعارضة السورية عن أي سلطة مقابل الاعتراف الدولي بنظامه
وتدفق مليارات الدولارات إلى البلاد للمساهمة في إعادة إعمار البلاد إلى انفجار
غضب غير عادي في الصحف والمجلات الروسية التي ترتبط ببوتين.
ويقول ألكسندر شوملين، الذي يدير مركز أوروبا – الشرق الأوسط في موسكو:
“يحتاج الكرملين إلى التخلص من صداع سوريا” و “المشكلة هي مع شخص
واحد هو الأسد وحاشيته”.
ويعكس انزعاج بوتين من الأسد معضلة روسيا لأن الطرفين يعرفان ألا بديل عن الزعيم
السوري للتوصل إلى تسوية. ففي الوقت الذي استخدم فيه بوتين التدخل العسكري عام
2015 كنقطة يستعيد من خلالها التأثير الروسي في الشرق الأوسط وجعل موسكو لاعبا
رئيسيا، عمل الأسد على المناورة بين موسكو وحليفته إيران للتمسك بالسلطة.
واعتمد الأسد
على القوة العسكرية والدبلوماسية الروسية لمنع تركيا من التوسع في مناطق المعارضة
بشمال سوريا، ذلك أنه يطمح لاستعادة السيطرة على كامل سوريا.
ونفى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الأخبار عن عدم سعادة بوتين من الأسد
ورفضه التنازل للمعارضة من أجل تسوية سياسية.
وخلال السنوات الماضية قامت روسيا وبدون نجاح بالضغط على الأسد من خلف الأبواب
ودفعه للموافقة على تنازلات سياسية ولو رمزية والحصول مقابل ذلك على من الأمم
المتحدة.
ولكن النقد المفتوح لحليف مهم يعتبر تغيرا في النهج. ففي مقال نشر على الأنترنت
بموقع تابع ليفغيني بريغوجين، المعروف بطاهي بوتين، نظرا لعقود الطعام التي توفرها
شركته للكرملين، هاجم الأسد ووصفه بالفاسد.
واستشهد كاتب المقال باستطلاع جاء فيه أن شعبية الأسد لا تتجاوز 32% وأشار إلى
بدلاء عنه من داخل النظام والمعارضة. ولكن المقال الذي نشرته “وكالة الأنباء
الفدرالية” اختفى سريعا.
وبعد أيام نشر المجلس الدولي للشؤون الدولية، الذي أنشأه الكرملين تعليقا
انتقد فيه حكومة دمشق واصفا إياها بأنها “تفتقد النهج البعيد النظر
والمرن” لإنهاء النزاع.
وفي مكالمة هاتفية قال ألكسندر أكسنيونوك، الدبلوماسي السابق ونائب رئيس المجلس:
“لو رفض الأسد الموافقة على الدستور الجديد، فسيضع النظام السوري نفسه أمام
خطر عظيم”.
وقال شخص مقرب من الكرملين إن ما نشر في الموقعين هي رسالة قوية للقيادة السورية.
وقال شخص مقرب من القيادة الروسية إن بوتين ينظر للأسد كشخص عنيد ويمثل خيبة أمل
له، ولهذا استخدم موقعا مرتبطا ببريغوجين لتوصيل الرسالة، وأضاف هذا الشخص
وغيره إنه لا يمكن التخلي عن الأسد نظرا لعدم وجود شخص بديل عنه يمكن الاعتماد
عليه.
ولم يرد الإعلام السوري على النقد فيما لم يعلق سفير سوريا في موسكو، رياض حداد.
وبدأت المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة بجنيف العمل على مسودة للدستور السوري
تحتوي على نوع من المنافسة إلا أن الجهود دخلت مرحلة مسدودة بعدما قام وفد الحكومة
بتخريب المفاوضات عن عمد. وفي جلسة لمجلس الأمن في كانون الأول/ ديسمبر الماضي قال
المبعوث الأممي لسوريا، غير بيدرسون، إن الوفد الحكومي رفض طلب المعارضة
مناقشة موضوعات الدستور مما أدى لفشل المحاولة الثانية.
وقال دبلوماسي يتابع الموضوع السوري إن نقد النظام في الإعلام الروسي نابع
من حالة إحباط بين رجال الأعمال الروس الذين فشلوا بالحصول على عقود تجارية
بسوريا. وقال الدبلوماسي إن روسيا تعي الوضع الصعب في البلاد، حيث أن فشل الأسد
بتوفير الحاجات الأساسية، وفيروس كورونا، ومشكلة شبكات الفساد قد يدفع بثورة
مستقبلية داخل مناطق محددة تسيطر عليها الحكومة.
ويقول جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط بمجموعة الأزمات الدولية إن
الأسد ” كان دائما عنيدا أمام الضغط الروسي لأنه يعرف أن سوريا مهمة للروس
ويجب ألا تنهار”، وأضاف أن السماح للإعلام بشن حملة ضد الأسد يعكس حالة
إحباط في موسكو بعدما أصبحت سوريا موضوعا غير مهم.
ولدى روسيا قاعدة عسكرية بحرية وأرسلت قواتها لحراسة المناطق السابقة للمعارضة
والطرق الرئيسية ولديها نفوذ ولكنها قد تخاطر كثيرا لو حاولت الإطاحة بالأسد،
حسبما تقول إيرينا زفاسليسكايا، الخبيرة بمعهد الاقتصاد العالمي والشؤون الدولية.