باراك يكشِف الخبايا والخفايا: جميع الوزراء وافقوا على خطّة شارون عام 82 لطرد الفلسطينيين من لبنان للأردن لإسقاط الملك حسين وإقامة الدولة الفلسطينية في الاردن وتنصيب الجميِّل رئيسًا وإبرام السلام
3 مايو، 2020
كشف رئيس الوزراء الإسرائيليّ ووزير الأمن
سابِقًا، إيهود باراك، كشف النقاب في مقابلةٍ مُطولّةٍ مع صحيفة (معاريف)
العبريّة، عن الخطّة التي كان قد أعدّها رئيس الوزراء ووزير الأمن في الماضي،
أرئيل شارون، في العام 1982 خلال الاجتياح الإسرائيليّ للبنان واحتلال العاصمة
بيروت، مؤكّدًا أنّ إدعاءات الوزراء في الحكومة آنذاك بأنّ شارون قام بخداعهم هي
إدعاءات عارية عن الصحّة، ولا تمُت للواقع بصلةٍ، مشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ
شارون كان حكيمًا وعرض الخطط على الوزراء، الذي لم يفهموا عليه، أوْ اختاروا عدم
فهم الأمور والقضايا التي طرحها أمامهم، كما قال باراك.
وفي معرض ردّه على سؤال الصحيفة العبريّة قال باراك إنّ وزير الأمن
آنذاك شارون كانت خطّةً ولكنّها كانت بمثابة حلمٍ إستراتيجيٍّ مُتعدّد الطبقات
ويستحيل تحقيقه، كما أنّ صُنّاع القرار في تل أبيب لم يُناقِشوا “حلم شارون”،
وتابع قائلاً: فكرة شارون كانت تعتمِد على استغلال الإرهاب الفلسطينيّ للانقضاض
عليهم في جنوب لبنان، وتحويل هذا الهجوم إلى رافعةٍ للتوافق والتحالف مع المسيحيين
في لبنان وتنصيب عائلة الجميّل وطرد منظمة التحرير الفلسطينيّة من لبنان بشكلٍ
نهائيٍّ، مُشيرًا في ذات الوقت إلى أنّ فرضية العمل لدى شارون كانت أنّ
الفلسطينيين سيقومون بالفرار من لبنان إلى الأردن، وهناك يقوموا بثورةٍ على نظام
الحكم الهاشميّ ويُسيطِروا على المملكة الهاشميّة، وبذلك تتحّقق رؤيته القاضية
بأنْ تكون الأردن الوطن البديل للفلسطينيين، وبهذا يصِل شارون إلى حلّ القضية
الفلسطينيّة، ليس على حساب إسرائيل، ولكنّ الفلسطينيين، شدّدّ باراك، كانوا قد
فهموا درس (أيلول الأسود) في العام 1970 ورفضوا العودة إلى الأردن، الأمر الذي
أدّى لفشل مخطط شارون الإستراتيجيّ، كما قال.
جديرٌ بالذكر أنّ المُحلِّل للشؤون الأمنيّة، يوسي ميلمان، قال في
صحيفة (معاريف) إنّ خطة الحرب في العام 1982 كانت جاهزةً ومعدةً سلفًا، فشارون
وزير الحرب ومناحيم بيغن رئيس الحكومة ورفائيل إيتان رئيس هيئة الأركان، جميعهم
كانوا يبحثون فقط عن ذريعةٍ لتنفيذ العملية، وهو ما تمّ عقب قيام ثلاثة من أعضاء
منظمة فلسطينية مسلحة بمحاولة اغتيال السفير الإسرائيليّ في لندن شلومو أرغوف،
وأصابوه بجراحٍ خطيرةٍ للغاية.
وشرح أن خطة “أورانيم” للحرب ضد منظمة التحرير في لبنان أعدها قسم
التخطيط في هيئة أركان الجيش الإسرائيليّ خلال حقبة عازار فايتسمان، الذي سبق
شارون بوزارة الحرب، وتضمنت الخطة الدخول البريّ إلى لبنان لطرد منظمة التحرير
والجيش السوريّ، وفرض سلطة مسيحية على الدولة، لكن الحكومة الإسرائيلية رفضت
المصادقة على خطة “أورانيم الكبرى” التي أعدها شارون وإيتان، وأقرت خطة “أورانيم
الصغرى”.
وأضاف، نقلاً عن مصادره الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب، أضاف قائلاً
إنّ خطة أورانيم هدفت لإبعاد أماكن تواجد منظمة التحرير عن الحدود، ومنع وصول
قذائفها للمستوطنات الشمالية، والقضاء على بنيتها التحتية في جنوب لبنان حتى نهر
الأولي، بما يعادل أربعين كيلومترًا من الحدود، لكن من الناحية العملية تدحرجت
“أورانيم الصغرى” إلى “اورانيم الكبرى”، دون تحقق معظم أهدافها، طبقًا لأقواله.
وفي معرض ردّ باراك على سؤال الصحيفة حول عدم انسحاب إسرائيل من
لبنان مُباشرةً بعد انتهاء حرب لبنان الأولى، قال رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق
إنّه لدى المُستوى السياسيّ في تل أبيب يوجد الخوف الدائم من القيام بخطواتٍ
إستراتيجيّةٍ جريئةٍ، خشية الفشل واتهام القادة بذلك، وبالتالي فإنّ القادة في
الدولة العبريّة يقومون بالخطوات الصغيرة حتى يكون الفشل صغيرًا، وتابع قائلاً إنّ
الأمر يشيه إلى حدٍّ بعيدٍ الشخص الذي يتخّذ قرارًا بقص ذيل كلبه من مُنطلقاتٍ
صحيّةٍ أوْ تجميلٍ، ولكنّه لا يقوم بعملية القص مرّةً واحدةً، بل على مراحل، وهذا
الأمر هو الأسوأ في العالم، على حدّ وصفه.
وسُئل باراك عن المحادثات الإسرائيليّة-السوريّة، التي استمرّت
لفترةٍ طويلةٍ نسبيًا مع الرئيس حافظ الأسد، فقال إنّ عدم نجاح المُفاوضات مع
السوريين نابعة، ربمّا، من أنّ الرئيس الأسد أراد توقيع الاتفاق، ولكن الاتفاق
الذي يتناسب مع مطالبه، لافِتًا إلى أنّ الخلافات بين الطرفين والتي بقيت محّط جدل
كانت كبيرةً وواسعةً جدًا، لأنّه لم يكُن ممكنَا أنْ نتفاوض معه مُباشرةً، إنمّا
بواسطة الأمريكيين، وشدّدّ على أنّ إسرائيل نجحت في المفاوضات مع مصر والأردن
لأنّها كانت مباشرةً، أمّا عندما كانت المفاوضات بوساطةٍ أمريكيّةٍ فإننّا فشلنا،
ليس لأنّهم أغبياء، أيْ الأمريكيين، بل لأنّ الأسد كان يشُكّ كثيرًا في النوايا،
وبالإضافة إلى ذلك كانت له مطالب التي لم تتساوق مع رؤيتنا ووجهة نظرنا، على حدّ
تعبير رئيس الوزراء الإسرائيليّ السابق، باراك.