انتخابات الرئاسة الأمريكية: خدمة البريد تحذر من تأخير يهدد التصويت عبرها
حذرت الخدمة البريدية للولايات المتحدة من أنملايين الأصوات الواردة عبر البريد قد لا تصل في الوقت المناسب ليتم عدّها في يوم الانتخابات الرئاسية في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وفي رسائل إلى الولايات في جميع أنحاء البلاد الشهر الماضي، قالت الوكالة “بعض المواعيد النهائية… لا تتفق مع معايير التسليم في خدمة البريد”.
وألقى النقاد باللوم على رئيس الخدمة البريدية الجديد – المؤيد المخلص للرئيس دونالد ترامب – في التباطؤ في عمليات التسليم.
ومن المتوقع أن يصوّت عدد قياسي من الناس عن طريق البريد بسبب وباء كورونا.
وقال ترامب مراراً وتكراراً إن بطاقات الاقتراع عبر البريد ستعطي دفعة لمنافسه الديمقراطي جو بايدن، وستؤدي إلى تزوير التصويت.
ويقول الخبراء إن نظام التصويت عبر البريد – الذي يستخدمه الجيش الأمريكي وترامب نفسه – في مأمن من التلاعب.
وانتقد الرئيس السابق باراك أوباما بشدة ما وصفه بـ”محاولات ترامب لتقويض الانتخابات”، وكتب على “تويتر” أن الإدارة “مهتمة بقمع التصويت أكثر من قمع الفيروس”.
وعانت الوكالة منذ فترة طويلة من متاعب مالية، حيث تحمل على كاهلها نحو 160 مليار دولار من الديون.
وأدخل المدير الجديد لخدمة البريد لويس ديجوي – وهو مانح جمهوري رئيسي – تغييرات مثل تقييد العمل الإضافي ووقف رحلات التسليم المتأخرة.
لكن المنتقدين يقولون إن الإصلاحات أدت إلى زيادة أوقات انتظار البريد يوم الخميس، وقال ترامب إنه كان يمنع التمويل الإضافي لخدمة البريد الأمريكية للمساعدة في قضايا الانتخابات، لأنه يعارض التصويت عبر البريد.
وشارك كبيرا الديمقراطيين في الكونغرس، نانسي بيلوسي وتشاك شومر، في النقاش يوم الجمعة، حيث دعيا ديجوي إلى “التراجع بسرعة عن تغييراته التشغيلية التي أدت إلى حالات تأخير وإلى تخفيض الخدمات لعدد كبير جداً من الأمريكيين وتهدد بتقويض ديمقراطيتنا”.
وأضافا في بيان أن “الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ يطالبون الرئيس بوقف فوري لاعتدائه على خدمة البريد، ويوضحون أنه يجب أن يسمح بإجراء انتخابات 2020 من دون تكتيكاته التخريبية”.
وتأتي تعليقاتهم في الوقت الذي خلُص فيه استطلاع أجرته “أكسيوس” من “سورفي مانكي” أن ثلاثة أرباع الناخبين الجمهوريين يخططون للتصويت شخصياً، بينما يخطط أكثر من نصف الناخبين الديمقراطيين لاستخدام التصويت عبر البريد.
ماذا قالت الخدمة البريدية الأمريكية؟
أرسلت الخدمة البريدية رسائل إلى الولايات في جميع أنحاء البلاد في تموز/ يوليو، محذرةً من أنها لا تستطيع ضمان وصول جميع الأصوات التي تم الإدلاء بها عن طريق البريد في الوقت المحدد ليجري عدّها.
وفي رسالة إلى وزير خارجية ولاية بنسلفانيا، قالت الخدمة البريدية للولايات المتحدة إن بطاقات الاقتراع عبر البريد المطلوبة قبل أسبوع واحد من انتخابات الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر – والتي تسمح بها الولاية بموجب قوانين الانتخابات – قد لا تصل إلى وجهتها في الوقت المحدد لأن المواعيد النهائية للولاية ضيقة جداً بالنسبة لـ”معايير التسليم” الخاصة بها.
وقال المستشار العام للخدمة البريدية توماس مارشال إن “عدم التوافق” بين قوانين ولاية بنسلفانيا وإمكانيات التسليم لنظام البريد “يخلق خطراً يتمثل في عدم إعادة بطاقات الاقتراع المطلوبة بالبريد في الوقت المناسب ليتم احتسابها بموجب قوانينك كما نفهمها”.
ونُشرت الرسالة يوم الخميس حيث طلبت وزيرة الخارجية كاثي بوكفار من المحكمة العليا في الولاية السماح بفرز الأصوات طالما جرى استلامها بعد ثلاثة أيام من الانتخابات. حالياً، يتم تجاهل الأصوات إذا تم استلامها بعد يوم الانتخابات.
وتُعدّ ولاية بنسلفانيا ساحة حرب انتخابية، حيث فاز ترامب بنسبة أقل من 1٪ في انتخابات عام 2016.
كما تلقت ولايات أخرى، مثل فلوريدا وميتشيغان، رسائل، بحسب تقارير إعلامية أمريكية.وأعلن الحاكم الديمقراطي في ولاية نيو جيرسي المجاورة لبنسلفانيا يوم الجمعة أن الولاية سترسل بشكل استباقي بطاقات الاقتراع إلى كل ناخب مسجل في الولاية.
وتُعرف عملية إرسال بطاقات الاقتراع باسم التصويت العالمي بالبريد، وقد تم تبنيها في تسع ولايات أمريكية أخرى.
ما هي الخلفية؟
في حديثه إلى قناة “فوكس نيوز” يوم الخميس، قال ترامب إنه كان يمنع التمويل الإضافي للوكالة المتعثرة مالياً لأنه يعارض التصويت بالبريد.
وقال: “إنهم الآن بحاجة إلى هذه الأموال من أجل جعل مكتب البريد يعمل حتى يتمكن من أخذ كل هذه الملايين والملايين من بطاقات الاقتراع”.
“الآن، إذا لم نبرم صفقة، فهذا يعني أنهم لا يحصلون على المال. وهذا يعني أنه لا يمكنهم الحصول على تصويت عالمي عبر البريد”.
تحليل من ديفيد ويليس، مراسل “بي بي سي” في أمريكا الشمالية
هل تتذكرون الانتخابات الرئاسية لعام 2000، والقلق بشأن تلك الأوراق المثقوبة والمعلقة؟
تهدد الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية هذا العام بجعل تلك المنافسة تبدو مباشرة.
وقال الرئيس ترامب إنه يريد نتيجة واضحة ليلة الانتخابات، وليس مسابقة تطول في المحاكم. لكن من خلال منع تخصيص الأموال التي تشتد الحاجة إليها للخدمات البريدية الأمريكية المحاصرة، من المحتمل أن يمهد ترامب الطريق لسلسلة من المعارك القانونية الطويلة التي قد تمتد لأسابيع.
ووفقاً للتقارير الواردة هنا، تقوم المجموعات المحافظة بحشد جهود قانونية ضخمة لا تهدف فقط إلى الحد من تخصيص بطاقات الاقتراع البريدية، ولكن أيضاً إلى تحدي النتائج التي ثبت أنها غير مؤاتية لها ليلة الانتخابات.
إن التعيين الأخير لحليف ترامب – لويس ديجوي – لرئاسة خدمة البريد، وقراره بقطع العمل الإضافي على حساب التأخير المتزايد في تسليم البريد، لم يؤدِّ إلا إلى تأجيج الشكوك حول “تسييس” الخدمة البريدية.
وفي ما قد يكون أقسى انتقاد لخلفه حتى الآن، اتهم باراك أوباما دونالد ترامب بمحاولة “معاقبة” الخدمة البريدية للولايات المتحدة من أجل ثني الناس عن التصويت، بينما اتهم منافس ترامب الديمقراطي جو بايدن الرجل الذي يسعى إلى الحلول مكانه بشن “اعتداء على الديمقراطية”.
ووسط جدل التمويل، وافق الاتحاد الوطني للرابطة الوطنية لناقلات الرسائل المكوّن من 300 ألف عضو، يوم الجمعة على ترشيح بايدن للرئاسة.
وحذر الاتحاد من أن “بقاء” خدمة البريد الأمريكية كان على المحك منتقداً ترامب لرفضه “تقديم الإغاثة المالية اللازمة التي من شأنها دعم الوكالة خلال هذا الوباء”.
ولم تردّ حملة ترامب بعد على هذه الموافقة.