الملف السوري وكورونا.. تجميد العمليات وزيادة النشاط الأمني
الملف السوري وكورونا.. تجميد العمليات وزيادة النشاط الأمني
على وقع انتشار كورونا في مناطق سورية مختلفة، أصدر مركز أبحاث سوري ورقة تحليلية، تناولت تداعيات الوباء على الملفين العسكري والسياسي في سوريا.
وبحسب الورقة ا فإن المخاوف من انتشار كورونا جمّدت الصراع العسكري في سوريا، لصالح تزايد النشاط الأمني في كل المناطق، على اختلاف الطرف المسيطر (النظام، المعارضة، قوات سوريا الديمقراطية).
روسيا مُحرجة
الورقة التي أصدرها “مركز عمران للدراسات” بعنوان: “الملف السوري على وقع “كورونا” قراءة في الآثار المحتملة على المستويين السياسي والعسكري”، وجدت أن أولويات مختلف الأطراف السورية تبدلت إلى احتواء الفيروس ومعالجة آثاره المتعددة.
وأشارت إلى وقف روسيا عمليات القصف على إدلب، تجنبا لحرج دولي، قد يتسبب بها قصفها البنى التحتية والمراكز الطبية في شمال غرب سوريا، في وقت يحاول فيه العالم جاهدا التصدي للوباء.
من جانب آخر، لفتت الورقة إلى محاولات النظام السوري استغلال وباء كورونا لإحداث خرق في جدار العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عليه، وكذلك لفتح باب التطبيع العربي معه، من باب دعمه في مكافحة الوباء، وذلك في إشارة إلى الاتصالات الإماراتية برئيس النظام السوري، بشار الأسد.
“الدولة” ينشط
وانتقالا إلى شرق سوريا، والبادية حيث تنشط خلايا تابعة لتنظيم الدولة، أكدت الورقة، أن الأخير يعتبر كورونا فرصة لزيادة هجماته في ظل انشغال الأطراف بمكافحة الوباء.
وهنا أشارت الورقة إلى زيادة التنظيم عملياته الأمنية في أرياف الحسكة ودير الزور وحمص (البادية)، وكذلك إلى الاستعصاء الذي نفذه عناصر التنظيم الأسرى، في سجن حي غويران بمحافظة الحسكة.
وفي السياق ذاته، لفتت إلى زيادة عبور عناصر التنظيم من الأراضي السورية إلى العراقية، مشيرة إلى إطلاق “الحشد الشعبي” العراقي عملية عسكرية بالتشارك مع الجيش العراقي، على الحدود العراقية-السورية.
وخلصت الورقة في هذا الإطار، إلى أن تنظيم الدولة ينظر إلى آثار الفيروس كظروف ملائمة لإعادة تكثيف نشاطه العسكري وهجماته على جبهات عدة، الأمر الذي سيرتب ضغطا مضاعفا على قوات “قسد” في مناطق نفوذها.
“قسد” متخوفة
وعلى صعيد متصل بشمال شرق سوريا، رأت الورقة أن كورونا فرض على بعض الدول سياسات عسكرية انكفائية، خاصة تلك المنتشرة قواعدها حول العالم، إذ سرع من قرارات دول أخرى بالانسحاب من تلك القواعد وإعادة التموضع والانتشار.
وأضافت أنه “يبدو أن الظرف قابل للاستثمار لتهديد تلك القواعد، وتشجيعها على الانكفاء، فعلى الرغم من عزلة القاعدة الأمريكية في التنف، بحكم بعدها عن مراكز المدن والاحتكاك، إلا أن هذا لا يعني أنها محصنة بشكل كامل ضد الفيروس، وكذلك باقي القواعد المتواجدة في شرق الفرات، والتي قد تشهد عمليات أو هجمات محتملة من قبل مليشيات محليّة”.
ولم تستبعد الورقة، أن يتم إعادة إحياء قنوات المفاوضات بين “قسد” والنظام، خاصة مع ارتباك وتوجس “قسد” من إعادة انتشار وتموضع محتمل لقوات التحالف في شرقي الفرات.
تضرر إيران من كورونا
وعن الدور الإيراني في سوريا، وتأثره بكورونا، قللت الورقة من تأثير انتشار الفيروس وتفشيه على تواجد إيران العسكري في سوريا، مبينة أن “التأثير سيكون في حدوده الدنيا، المتمثلة بإعادة الانتشار والتموضع واتخاذ تدابير وإجراءات احترازية، وذلك على اعتبار أن طهران تعتمد على مجموعات مرتزقة، أغلبهم من غير الإيرانيين، وبالتالي لن تكون سلامتهم أولوية بالنسبة لطهران”.
ومدللة على ذلك أضافت أن “هذا ما حدث حتى على المستوى المدني في إيران، حيث أفادت التقارير الواردة من المدن الإيرانية عن سياسية عنصرية عالية في المستشفيات الإيرانية، والتي رفضت استقبال الأفغان والباكستانيين وغيرهم من الجنسيات المقيمين على الأراضي الإيرانية، وجعلت الأولوية للإيرانيين، لذلك فمن المحتمل ألا يتأثر النشاط الإيراني في سوريا حتى الآن، بل وعلى العكس فقد تلجأ إيران إلى محاولات استثمار المناخ السياسي والعسكري قدر الإمكان لزيادة نشاطاتها العسكرية، ولعل الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مطار الشعيرات في حمص تعد مؤشرا على استمرار تلك النشاطات”.
المسار السياسي
سياسيا، اعتبرت الورقة أن كورونا أنتج ظروفا ملائمة لفتح المجال السياسي ومحاولة تجميد الأوضاع وتثبيت وقف إطلاق النار من قبل الفاعلين الرئيسين في الملف السوري.
وهنا أشارت إلى محاولات المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، الدفع لتفعيل المسار السياسي، المتمثل باللجنة الدستورية المعطلة، وأضافت أن “إعلان بيدرسون أن النظام والمعارضة توصلا إلى اتفاق على جدول أعمال اللجنة والجولة المقبلة، يؤكد رغبته في تحقيق أي إنجاز وتقدم ملموس في ملف اللجنة الدستورية، مستغلا المناخ الحالي الذي تفرضه الجائحة وما قد يؤمنه من غطاء دولي داعم”.
وأردفت بالإشارة إلى دعوة الاتحاد الأوروبي إلى وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية، بما يسهم في التصدي للجائحة، وهي الدعوة التي سبقها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، ببيان مماثل، طالب فيه بإطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام السوري بشكل واسع، منعا لتفشي الفيروس، وأكد ضرورة وصول المنظمات الإنسانية بشكل فوري إلى جميع أماكن الاحتجاز، واتخاذ خطوات عاجلة لضمان الرعاية الطبية الكافية وتدابير الحماية في جميع السجون.
انهيارات صحية واقتصادية لدى النظام
الملف السوري وكورونا.. تجميد العمليات وزيادة النشاط الأمنيمن جانبه، توقع الكاتب الصحفي إبراهيم إدلبي، أن تشهد الفترة القريبة انهيارا في المنظومة الصحية لدى النظام السوري، بسبب هشاشتها، ما يعني أن المدنيين بمناطقه عرضه لدفع الضريبة.
وفي حديثه أضاف أن النظام السوري بمواجهة مع خطر داهم، متمثل بالجوع وزيادة الفقر، موضحا أن “النظام زاد من إجراءاته بفرض حظر التجول وإغلاق الأسواق، دون وجود مستلزمات الحياة أصلا، ما يعني أن المدنيين في مناطقه عرضة لخطر الموت جوعا”.
وحسب إدلبي، فإن الجوع قد يدفع بالقاطنين بمناطق سيطرة النظام إلى عدم الالتزام بالحجر الصحي، لأن تأمين الغذاء يعد أولوية، مضيفا أنه”لم يوفر لهم النظام المواد الأولية والأغذية، حتى يظهروا التزاما بالإجراءات، وهذا ما قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على الوباء، وانتشاره بصورة أكثر”.
المعارضة متخوفة
وبالانتقال إلى مناطق المعارضة في شمال غرب سوريا، دعا نشطاء إلى ضبط المعابر التجارية مع النظام السوري، ومنع حركة انتقال الأشخاص من وإلى تلك المناطق بطرق التهريب، وذلك بعد إغلاق المعارضة المعابر كإجراء احترازي ضد انتقال فيروس كورونا.
وقال ناشط إعلامي إن عمليات تهريب الأشخاص من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق المعارضة تتم على نطاق ضيق، مقابل دفع مبالغ مالية لعناصر الحواجز.
وأضاف طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن “على “الجيش الوطني السوري” تشديد الرقابة على دخول الأشخاص، منعا لحدوث كارثة كبيرة، في حال وصول فيروس كورونا إلى المناطق المحررة”.
ولدى المعارضة ثلاثة معابر داخلية رسمية تصل مناطقها بمناطق “قسد” والنظام”، وهي معبر عون الدادات الذي يصل جرابلس بمنطقة منبج الواقعة تحت سيطرة “قسد”، ومعبر أم جلود التجاري المخصص لنقل البضائع والمحروقات، ومعبر أبو الزندين القريب من مدينة الباب.
يذكر أن وزارة صحة النظام السوري أعلنت السبت، عن شفاء حالتين من الحالات الـ16 المسجلة بفيروس كورونا في سوريا، في حين تؤكد المعارضة و”قسد” أن مناطقهما خالية تماما من فيروس كورونا.