الكشف عن هجوم انتحاري لطائرة عراقية بحرب 1967 أذهل الإسرائيليين
كشف تقرير إسرائيلي عن “هجوم نفذته طائرة عراقية لمدينة نتانيا في حرب الأيام الستة 1967، وبينما كانت إسرائيل تهزم الدول العربية، وتحتل أراضيها، فوجئ الجيش الإسرائيلي بمهاجمة طائرة عراقية، استطاعت بنجاح الاستدارة في الأجواء الإسرائيلية، وقتلت عددا من الجنود والمستوطنين في هجوم انتحاري”.
وأضاف نيتسان سدان، في تقريره على صحيفة “كالكاليست“، ”
أنه “رغم أن حرب 1967 شكلت واحدة من أكثر الومضات بتاريخ الطيران الإسرائيلي،
لأنها نجمت عن تصميم قوي، وتنفيذ دقيق قضى على القوات الجوية للدول العربية
بمفاجأة كبيرة، لكنها شهدت عملية بؤرية، فوجئت بها إسرائيل بشن طائرة جوية أخرى
هجوما عميقا على أراضيها، وتمكنت من قصف واحدة من أهم مدنها، وقتل الكثيرين
فيها”.
وأوضح سدان أن “الهجوم وقع في 6 حزيران/ يونيو، اليوم الثاني للحرب، حين وصلت
طائرة معادية تعانق جبال الأردن، وتتقدم غربا نحو جبال الضفة الغربية، عند السادسة
صباحا، وسمع سكان طولكرم أصوات قرقعة محركها، وشهد الكشافة طائرة كبيرة وغريبة
تتحرك داخل الأجواء، وكانت قاذفة قنابل ثقيلة من طوبولاب 16، وصلت من العراق،
وتحمل شحنة قاتلة عبارة عن ست قنابل FAB500 نصف طن لكل منها”.
وشرح قائلا؛ إن “الطائرة واصلت سيرها دون انقطاع إلى السهل الساحلي، وألقت
بظلالها على نتانيا، غطت 3 قنابل كبيرة في المدينة، وأصابت مباني في منطقة شوارع
هرتزل ورازيل، وألحقت دمارا. صحيح أن معجزة حصلت منعت انفجار القنبلة، لكن أضرارا
مادية جسيمة كانت كافية لتدمير فرع مصرفي جديد تم فتحه عند زاوية شارع هرتزل، مما
أدى لإصابة العديد من الإسرائيليين”.
وأشار إلى أنه “من نتانيا، اتجهت الطائرة شمالا وشرقا، ووصلت “مغدال
هعيمق”، وهاجمت مركزها التجاري، وحينها أطلقت البطاريات المضادة للطائرات
قذائفها، لكن الطائرة العراقية ردت بإطلاق النار، ثم جاءت دورية سرب 117 ميراج،
وأطلقت صاروخا جويا، لكن القاذف تحطم غرب العفولة قرب قاعدة عسكرية بمعسكر مزدحم ،
وقتل 14 من جنود وضباط الجيش، وقتل اثنان آخران في وقت لاحق من انفجار متأخر لإحدى
القنابل”.
وتساءل الكاتب: “كيف تمكنت طائرة عراقية ثقيلة متفجرة من الوصول واختراق
الدفاعات الإسرائيلية بشكل مثالي خلال الحرب، وذروة التوتر والتأهب، ونجحت بتوجيه
الصواريخ الهجومية على عدة أهداف بحرية؟”.
وأضاف أن “فشل الجيش الإسرائيلي يكمن في أنه لم يكن ليفاجأ لو تمت هذه الضربة
الجوية في اليوم الأول من الحرب، فقد هاجمت طائرتان أردنيتان من طراز
“هنتر” قاعدة سيركين، ودمرتا طائرات نورد وبايبر، ثم أطلقتا صواريخ على
مصنع “أفيك” في نتانيا، بينما دمر سلاح الجو الإسرائيلي الطائرات
الأردنية على الأرض، وكان من الواضح أن المزيد من الأعداء سيحاولون غزو
السماء”.
وأشار إلى أن “الطائرة العراقية بهذه المواصفات عرفتها القوات الجوية
الإسرائيلية جيدا، ففي تلك الأيام، كانت واحدة من أكثر القاذفات المتقدمة في
الساحة، طورها الاتحاد السوفييتي لحمل قنبلة نووية، وقادرة على حمل صواريخ وقنابل
كروز، والبقاء على قيد الحياة في بيئة عالية التهديد، وكان المفجر يحمل أسلحة
إلكترونية وأنظمة خداع، ولا يمكن إلا لأفضل الطائرات المقاتلة في ذلك الوقت الوصول
إلى ارتفاعها وسرعتها”.
وأكد أنه “حتى ذلك الحين، كان على الطائرة العراقية أن تتجنب 6 مدافع 23 مم
تحمل الأبراج، وتغطي كل زاوية، مع أنه في 1967 لم يكن صعبا إسقاط صاروخ واحد يحمل
صاروخا ضعف سرعة الصوت، رغم أن الطائرة العراقية بمواصفاتها المعروفة شكلت تهديدا
خطيرا للغاية من قبل الدول العربية، ويبقى السؤال: كيف نجحت في اختراق
إسرائيل”؟.
وأوضح أنه “في صباح 6 حزيران/ يونيو، شاهد الرادار الإسرائيلي طائرة كبيرة
واحدة تتحرك فوق الأردن في طريقها لإسرائيل، في ذلك الوقت، لم تسمح تقنيات الرادار
بالحصول على معلومات دقيقة عن أبعاد الطائرة، فقط لترى أنها أكبر من طائرة مقاتلة
وتحلق منخفضة، خارج أي حركة مرورية، دون التأكد من معلومة أننا نتحدث عن طائرة
متفجرة”.
وكشف النقاب أنه “في تلك الأيام، طافت كثير من الطائرات بين إسرائيل والدول
العربية، فهل هي طائرة صديقة عائدة، أم إنها هجومية عدوة، وربما دار الحديث حينها
عن إعادة طائرة مقاتلة بعيدة المدى تم إرسالها لقصف هدف في العراق البعيد عن
إسرائيل، ومع ذلك، عندما وردت تقارير من نتانيا حول مرور طائرة كبيرة وإلقاء
قنابل، أدرك الجيش أن شيئا ما حدث هنا بشكل خاطئ”.
وأكد أن “سقوط طائرة في معسكر عسكري مزدحم هو مأساة، ولكن لا يمكن توقعه؛
وحينها سيحاول أحد أفراد الطاقم الجوي المصاب الاستقرار والتراجع، وإذا كانت
الإصابة شديدة سيحاول القيام بهبوط اضطراري أو التخلي، لكن الطيار الذي يحطم
طائرته في قاعدة العدو هو كاميكازي انتحاري، وهو أمر لا يمكنك الاستعداد له”.
وختم بالقول أن “حادثة الطائرة العراقية الانتحارية تذكرنا بمدى فوضى الحرب،
وأهمية وقيمة أن تكون في المكان المناسب والوقت المناسب، ومستعدا للوضع، لأنه لو
كان لدى الطيارين العراقيين معلومات استخباراتية أفضل، لكان بإمكانهم إلحاق ضرر
كبير بالجهد الحربي الإسرائيلي، وحينها ربما كانت تلك الحرب ستحصل على اسم آخر غير
“الأيام الستة”.