الغارديان: هل تتجهز كامالا هاريس لرئاسة أمريكا في 2024؟
تساءلت صحيفة “الغارديان” البريطانية، عن حقيقة ترشيح جو بايدن، لمنصب نائب الرئيس الأمريكي في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية المقبلة في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وفي تقرير الصحيفة الذي أعده “مارتين كيتل”، ، تساءلت الصحيفة إن كان بايدن يخطط لأن تتجهز هاريس لرئاسة الولايات المتحدة في انتخابات 2024.
واعتبرت الصحيفة أن هاريس قد تكون مستقبل الحزب الديمقراطي في الرئاسة.
وتاليا النص الكامل لتقرير الصحيفة:
ذلك هو حجم إعادة بناء الولايات المتحدة بعد
ترامب وكوفيد، قد يكون بايدن يعد الديمقراطيين لتلك المهمة التي ستناط بهم في
المستقبلإن اختيار جو بايدن لكامالا هاريس لتخوض معه
الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر لمنصب نائب الرئيس عن الحزب
الديمقراطي قرار جريء وحذر، راديكالي ومحافظ، تاريخي وتقليدي في الوقت ذاته. ومع
ذلك، ورغم وجود عدد من المرشحين المؤهلين للعب هذا الدور، إلا أن اختيار هاريس قد
يثبت أنه قرار ذكي.
بإمكانك أن ترى ذلك بطريقة مختصرة وبسيطة، من خلال عدم
تشكل تسونامي الشتائم والازدراء من طرف دونالد ترامب ومؤيديه بعد الإعلان عن
اختيار هاريس يوم الأربعاء. مع اقتراب انعقاد المؤتمر الديمقراطي في ميلووكي الأسبوع
القادم، والذي سيكون افتراضياً بشكل أساسي، كان من المتوقع دائماً أن يفتح اختيار
المرشح لمنصب نائب الرئيس نافذة يستغلها ترامب ليتسلل إلى خم الدجاج التابع لبايدن
ويعيث فيه. ولكن ذلك لم يحدث بعد – رغم أنه سوف يحاول بلا شك. إلا أن ما يمكن
استخلاصه حتى الآن هو أن هذا الاختيار لم يأت على هوى ترامب.
حتى في اليوم الأول، يذكرنا هذا الاختيار بأن بايدن جاد
جداً في سعيه للفوز بالانتخابات. إلا أن الجوانب الراديكالية والتاريخية في وضع
اسم هاريس على ورقة الترشح لا يمكن المرور عليها كما لو كانت مجرد إضافات. فقد
أعلن بايدن قبل شهور أنه سيختار سيدة لتخوض معه المعركة الانتخابية. ولكن هاريس ستظل
فقط المرأة الرابعة التي يتم اختيارها لهذه المهمة من حزب رئيسي في تاريخ الولايات
المتحدة على خطا جيرالدين فيرارو وساره بالين وهيلاري كلينتون. جميع النساء
اللواتي سبقنها منين بالهزيمة. أما إذا انتخبت هاريس، فسوف تثبت بذلك بشكل قطعي أن
النساء بإمكانهن الفوز. يفهم من هذا الاختيار أن بايدن، الذي عرف ببراغماتيته في
واشنطن منذ وقت طويل، يقر بأهمية وقوة الناخبين من النساء لحزبه وبأن الرجال أيضاً
على استعداد للمساعدة في انتخاب امرأة.
ولكن بايدن اختار أيضاً أول امرأة ملونة لخوض الانتخابات
الرئاسية نيابة عن حزب كبير، وليست هذه بالخطوة البسيطة في تاريخ الولايات
المتحدة، كما يظهر جلياً من الأحداث الأخيرة. ولا كان ذلك أمراً محتوماً. فلم تخل
الساحة من البدائل المؤهلة، بما في ذلك إليزابيث وارين وآمي كلوبوتشار.
إلا أن صيفاً تلبدت سماؤه بغيوم ما بعد مقتل جورج فلويد
وحركة “حياة السود تهم” كانت أجواؤه ستزداد كارثية لو وقع الاختيار على
مرشح آخر أبيض لهذا السباق. كما أن بايدن تعرض لضغوط جمة لكي يختار امرأة سوداء،
وكانت تلك فرصة سانحة لتذكيره بشيء يعرفه هو أكثر من أي شخص آخر – وتحديداً، كم هو
مدين في ترشحه للناخبين السود الذين بثوا الروح من جديد في حملته التي كانت جثة
هامدة في التصفيات الأولى التي نظمت في ساوث كارولاينا في شهر فبراير/
شباط. وتارة أخرى، يكشف البراغماتي عن انفتاحه على مسالك
جديدة لعل البعض كان يظن أنه لا قبل له بها.
اتسع هذا الانفتاح ليشمل عملية صياغة السياسة، وهي
العملية التي تم القيام بها بعيد خوض معركة الترشح. فمنذ شهر مايو/ أيار، وفريق
بايدن منهمك في ست فرق عمل لصياغة السياسة في ستة مجالات هي الاقتصاد والرعاية
الصحية والهجرة والعدالة الجنائية والمناخ والتعليم. يترأس مجموعة المناخ على سبيل
المثال كل من جون كيري وأليكسندريا أوكازيو كورتيز، ويبدو أن الإجراء يضع أمرين في
الاعتبار: الاعتراف بنفوذ أجزاء مهمة من اليسار الموالي لساندرز داخل الحزب،
واستعداد بايدن للتعامل مع الموضوع بطرق لم تحظ باهتمام هيلاري كلينتون، على سبيل
المثال، في عام 2016.
ومع ذلك، فإن اختيار هاريس يكشف عن بعض الحدود التي يقف
عندها بايدن في ما يتعلق بتبني الحركات الجديدة. وذلك أن هاريس كانت كثيراً ما
تتهم بأنها شديدة التأييد للشرطة في القضايا التي تتعلق بإطلاق الشرطة للنار، وذلك
عندما كانت تشغل منصب ممثل الادعاء في سان فرانسيسكو ثم النائب العام في كاليفورنيا،
على الرغم من أن مؤيديها يقولون إنها غيرت نظرتها تجاه ذلك في السنوات الأخيرة.
كما يتهمها منتقدوها بالخفة في ما يتعلق بسياسة الإدارة. إلا أن ذلك لم يكن صحيحاً حينما عملت في منصب ممثل الادعاء في سان فرانسيسكو
وبدأت برنامجاً حول البدائل المقترحة للتعامل مع أصحاب الجنح في جرائم المخدرات.
فلو أتيحت لها الفرصة بعد عقدين من الزمن لتشكل رأس حربة من داخل مكتب نائب الرئيس
لتقوم بشيء مماثل، فلربما ساعد ذلك في إحداث تغيير في هوس أمريكا الكارثي والمدمر
في ما يتعلق بسجن أصحاب الجنح.
يسهل أن يبالغ المرء في أهمية اختيار المرشح لمنصب نائب
الرئيس، وذلك أن المرشح الرئاسي نفسه هو الذي يكسب أو يخسر في ذلك السباق. ومن
المؤكد أن بايدن لم يكن بحاجة إلى وضع اسم هاريس على ورقة الترشح حتى يكسب كاليفورنيا.
ولكن في نفس الوقت يسهل على البعض الانتقاص من قيمة منصب نائب الرئيس. وما زال
الناس يحلو لهم الاقتباس من حين لآخر من أقوال أول نائب رئيس في عهد فرانكلين
روزفيلت حين كان يقارن بين المنصبين. ومع ذلك، وعلى الرغم من أداء مايك بنس منذ
عام 2017، إلا أن بعض نواب الرئيس الذي شغلوا المنصب في العقود الأخيرة كانوا
بارزين سواء من حيث المواقف السياسية أو الأداء الوظيفي، ومن هؤلاء جورج إتش دبليو
بوش، وآل غور، وديك تشيني، وبايدن نفسه، الذين كانوا شخصيات بارزة ويمارسون
أدواراً حظيت بالاهتمام لم يرق إليها شخص مثل دان كويل على سبيل المثال.
لعل هاريس من صنف الشخصيات البارزة، وذلك لسبب وجيه
جداً، ألا وهو أن بإمكان المرء أن يتصورها تحتل منصب الرئيس نفسه. يعود ذلك جزئياً
إلى أنه في حقبة ما بعد ترامب وما بعد كوفيد، ستكون المهام كثيرة وكبيرة وستشغل كافة
من ينضمون إلى الإدارة الجديدة. ولكن السبب الرئيس من وراء ذلك هو سن بايدن، الذي
سيكون في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني قد بلغ الثامنة والسبعين. وقد تمت الإشارة ضمنياً دون تصريح بأنه قد لا يستمر في الرئاسة سوى لفترة واحدة،
وقد وصف نفسه بأنه شخصية انتقالية في الحزب، جاء من أجل أن يمهد الطريق للجيل
الجديد. أياً كان الأمر، فقد غدت هاريس الآن بين عشية وضحاها المرشح الرئاسي
الديمقراطي المفترض بعد بايدن، وذلك يمنحها نفوذاً كبيراً. فجأة، غدا مهماً بالنسبة للجيل القادم من الديمقراطيين أن يقتربوا منها أكثر
وأن يأخذوا ما تقوله على محمل الجد.
بسبب ترامب وبسبب كوفيد، لن تكون الحكومات الأمريكية
القادمة، في عشرينيات هذا القرن، موجهة من قبل بوصلة الماضي. ومع ذلك، يكون مخطئاً
من يتصور أن جزءاً واحداً داخل الحزب الديمقراطي هو الذي يعي ذلك. فاختيار بايدن لهاريس،
وكذلك مقاربته نجو جناح ساندرز في ما يخص سياسة الحزب، إنما هو جزء من جهد يبذل
لتوحيد حزب شديد الانقسام أملاً في إلحاق الهزيمة بترامب والتهيؤ من أجل التصدي
للقضايا التي تواجه أمريكا والعالم.
هناك من الأسباب التي تهيئ لإنجاز هذه الوحدة أكثر بكثير
مما يقر به بعض الثوريين من أنصار بيرني ساندرز أو بعض النشطاء داخل الحركات
السياسية المعنية بمسائل الهوية. وهاريس، التي تعتبر من نمط أوباما في انتمائها
إلى وسط الحزب الديمقراطي، لن تكون أسوأ شيء في العالم حينما تخوض المعركة الانتخابية
ضد ترامب. ومع ذلك، فنحن الآن أمام أم المعارك الانتخابية التي يتوجب الفوز بها،
والتي تبقى نتيجتها في عالم الغيب.