العرب وكورونا

ياسين نجار
سيكون لوباء كورونا ما بعده، وقد دلت تجارب التاريخ أن البشرية قادرة على إعادة بناء الاقتصاد وتحريك عجلة الإنتاج ووضعها على سكتها الطبيعية، لكن ما هو أصعب ويتطلب وقتا وجهدا وصبرا، هو إعادة بناء رؤية جديدة للعالم ومصير بشريته. فالعالم قبل كوروبا فقد بوصلته، ومعالم طريقه، نلمس هذا التيهان في كل مجالات الحياة.. في القيم التي تغيرت بالكامل، وفي حال الطبيعة التي دمرناها بالتدريج، وفي كوكب الأرض الذي بدأ يختنق
من الظواهر التي أفرزها الوباء في بعض البلدان مقاومة فئات من المجتمع لقرارات العزل المنزلي، والحجز في المساكن، بل إن البعض منهم أساء تقدير خطورة الوباء، كما هو حال بعض البلدان غير الأوروبية، حيث تُعتبر التجمعات العائلية والعشائرية ذات أهمية بالغة في حياة الناس.
ومن الظاهر أيضا اكتشاف مجمل البلدان الأوروبية، مُضافا إليها الولايات المتحدة الأمريكية، أنه على الرغم من تكرار التسويق لنجاح نظمها الصحية والبنيات الأساسية ذات الصلة بها، وجدت نفسها في بعض لحظات الذروة متجاوزة ولا حول لها ولا قوة. وقد اكتشفت، بالموازاة، كم هي في حاجة إلى إعادة النظر في سياساتها الصحية، بما يجعلها قادرة على مواجهة المخاطر، وتخطي الأزمات، ومنها أزمة الأوبئة، دون عُسر أو ضيق في الإمكانيات والوسائل
اتفقت المنظمة والأمم المتحدة و«يونيسيف» على توفير مبلغ ملياري دولار كخطة استجابة إنسانية عاجلة لمكافحة الوباء في بعض البلدان الأكثر ضعفا في العالم، ولمنع تحوله لدورة جديدة من الهجوم مستقبلا.
ما تقدمه منظمة الصحة العالمية لجميع الدول من توصيات وإرشادات وخبرات لا يقابَل بالضرورة بالقدر اللازم من الجدية المطلوبة، فالعديد من الدول الأوروبية والغربية تهاونت في البدايات، ما دفعها إلى دورة معاناة وألم وتضحيات غير واضح متى ستنتهي. وفي الأسبوع الماضي ركزت المنظمة اهتمامها على لفت الأنظار للوضع القائم في أفريقيا، والتي لم يصدر عن كثير من الدول فيها بيانات محددة عن وضع الفيروس
منظمة الصحة العالمية، التي تعد لاعبا رئيسيا وضروريا في مواجهة فيروس «كورونا المستجد». والتي يصادف اليوم (الثلاثاء السابع من أبريل/ نيسان) يوم بدء عملها عام 1948. وهو اليوم الذي يعد يوم الصحة العالمي.
واقعنا العربي اليوم رغم مصيبة كورونا العالمية، ينتظر تأثير الانتخابات الرئاسية القادمة على طبيعة العلاقات الدولية، واقتراب موعد 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 الذي سيحدد فيه الناخب الأمريكي مصير البيت الأبيض. وحتى أدرك خفايا تحول متوقع في الاستراتيجيات الأمريكية تجاه العرب وربيعهم المهدد بل ومصيرهم المجهول
ذا كانت عمليات العزل الصحي ضرورية لمواجهة جائحة كورونا، فإن العزلة التي تفرضها الأنظمة الاستبدادية تتجاوز الحفاظ على الصحة وتدخل في نطاق السيطرة على الشعب وتفكيك المجتمع عبر مداخل الإرهاب.
خلاصة القول أن الأنظمة العربية الاستبدادية تستثمر في فيروس كورونا للانقضاض على السلطة وتثبيت سيطرتها وزيادة كفاءتها.