الحل السياسي الليبي

ياسين نجار
اعتقد المجتمع الدولي يعنيه توفير الاستقرار في ليبيا، وتريد بعض قواه تصحيح المواقف السلبية، من هذا المنطلق من الواجب ضبط الدفة، وعدم ترك قيادتها في أيدي عناصر آخر ما يعنيها حل الأزمة، ووقف عمليات الالتفاف التي تقوم بها أنقرة والدوحة ومن يدورون في فلكهما.
ربما تريد البعثة الأممية في ليبيا التظاهر بالشكل الديمقراطي في حل الأزمة المستعصية، بما يرضي غرور بعض القوى الدولية التي تتشبث بشكل الحريات دون مضمومنها، لكنها سوف ترتكب خطيئة جديدة إذا تعاملت مع مخرجات تونس على أنها روشتة للحل السياسي، لأنها تضحي بالمنجزات التي تحققت على مستوى الاتفاق حول بنود ومتطلبات وقف إطلاق النار، وهو ما يحقق أهداف تركيا وقطر.
عيد التصرفات التركية والقطرية الأزمة إلى المربع الأول، وتقطع الطريق على التحركات الجادة التي بذلتها مصر وبعثة الأمم المتحدة لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وإيجاد حلول عملية لنزع فتيل الدور الخطير الذي تقوم به ميليشيا تحولت طرابلس إلى منطقة يصعب توفير الأمن والهدوء والاستقرار فيها، والتفكير في تجهيز مقر آمن في مدينة سرت تمارس الحكومة الجديدة والهيئات السيادية دورها منها.
بعدما أيقنت الأطراف الدولية والإقليمية أنها لن تكون قادرة على حسم المعركة عسكرياً وأمنياً، وأن مخاطر الانفجار المؤقت وانفلاته أخطر عليها بكثير من التداعيات السياسية للتوافقات السياسية الليبية المحتملة. وتزامن هذا الشعور واليقين مع تنامي القناعة في غرب وشرق البلاد أنه لا حل من دون توافق سياسي، ولا مفر من التحاور مع الأطراف الليبية الأخرى، من أجل الوصول إلى اتفاقات لا تجعل الساحة المحلية ضحية الصراعات الدولية والإقليمية، وبخاصة مع تزايد تذمر الشعب الليبي من تدني المستوى المعيشي، وانتشار الفساد في البلاد.
أن تتضمن الحوارات الليبية وضع حدود واضحة للتيار السياسي الإسلامي، نظراً لأن الأطراف الليبية المحلية والدول الإقليمية المعتدلة لن تقبل أن يكون لهذا التيار نسبة حاسمة في المعادلة السياسية، أو أن توظف في أماكن سيادية محددة، خشية أن تصبح ليبيا قاعدة ينمو فيها وينطلق منها هذا التيار إلى أقاليم أخرى مستقبلاً.
احتمالات إحراز التقدم قائمة، إنما من المبكر التفاؤل بأن ليبيا تراجعت عن حافة الهاوية العسكرية، وانتقلت بثبات نحو مسار تفاوضي مستقر. فالساحة الليبية لا تزال مباحة للتدويل الجيو استراتيجي والانهيار السياسي الداخلي، ولا توجد قيادة سياسية دولية أو محلية قادرة على ضبط الدفة وتأمين استقرارها وتوجيه المسارين السياسي والدبلوماسي.